فالأحكام المأخوذة من الكتاب والسنة، أو المستنبطة من تلك النصوص هي: التي أعطت تلك السابقة الحضارية وهي وحدها الكفيلة إعادة الكرة اليوم لأول أمرها بالأمس.
فعلماء الإسلام حاولوا إيجاد الحلول لكل الوقائع التي تقذف بها الحياة إلى حاضر الإنسان، فخلص ذلك الإنسان من كثير من الضيق والحرج، وتبينت له الطريق المستقيم، ولقنته بعض الحيل لتجنبه الحرج في تطبيق حكم متشدد، مثل حيلة أيوب عليه السلام، وحيل يوسف مع إخوته، من خلال هذا المنهج القرآني اجتهد كثير من العلماء، إما ليجد مندوحة يخفف بها على المسلم تطبيق مباح لا تظهر فيه منفعة توازي ما يمكن أن ينجم عنه من مضرة، فنشأ بسبب هذا مبدأ الحيل التي تميز بأكثريتها الفقه الحنفي، ثم وقع الاتفاق على البعض منها ونشأ خلاف كبير حول أكثريتها، كما برز مبدأ آخر وأصل من أصول الفقه أطلق عليه: الذرائع، فوقع الاتفاق على بعض صوره أيضًا، بينما اختلف في كثير من حالاته، وقد تميز به المالكيون، وإن كان بعض فقهاء الحنبلية وافقهم في كثير منها، فلقد وجدت طائفة أن تطبيق بعض النصوص الظنية الدلالات على حالات لا يقطع بحصول المصلحة منها، وتوجد مظنة راجحة لنشوء المفسدة منها، ينبغي العدول عنه سدًا لذريعة ما يمكن أن ينشأ عن تطبيقها من مفسدة، ولمزيد من الإيضاح سأقسم هذه الدراسة إلى المباحث التالية:
المبحث الأول: تعريف موجز بالذرائع وبعض أحكامها العامة
المبحث الثاني: الذرائع في المذهب المالكي وموقف بقية المذاهب منها.
المبحث الثالث: العلاقة بين الحيل والذرائع ومدى التوافق والاختلاف بينهما.
ثم ننهي هذا العرض بخاتمة تكون صالحة للنشر والترجمة بحول الله