التعريف: الذريعة جمع ذرائع يقال هو ذريعتي عند فلان بمعنى وسيلتي، وتأتي بلفظ (الذرعة) وتذرعت بفلان عند فلان تشفعت به عنده، وهي تؤدي معنى الوسيلة، ولذا يقال الوسيلة فيقصد بها الذريعة، وتقال الذريعة وتقصد بها الوسيلة، لتشابه ما ترميان إليه، (انظر التعريف اللغوي للذريعة في لسان العرب) .
أما عن مكانتها ووصفها ففيه خلاف، والراجح فيه أن الذريعة أصل من الأصول التي ذكرتها الكتب المالكية والكتب الحنبلية، بينما في المذاهب الأخرى لم ترد تحت هذا العنوان، وأيضًا المسميات التي وردت عليها يوجد فيها توافق واختلاف مع الصيغ والأحكام التي وردت عليها في المذهبين المالكي والحنبلي وفي الاصطلاح هي الطريق إلى الحرام، أو الحلال، ولذلك تأخذ حكمها مما أفضت إليه، فإذا كان حرامًا حرمت، وإذا كان مباحًا أبيحت، وإذا كان واجبًا وجبت؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لذا فانتبه.
وقد ثبت الأخذ بالذرائع وإعطاؤها حكم ما تؤول إليه بالكتاب، وهو قول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا}[البقرة: ١٠٤] لأن اليهود اتخذوا من لفظة راعنا ذريعة شتم النبي صلى الله عليه وسلم فنهى الله المسلمين عن ذلك سدا للذريعة، ومن السنة كف النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل المنافقين حتى لا يقال إن محمدا صلى الله عليه وسلم قتل أصحابه.
ومن ذلك أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الدائن عن أخذ هدية من المدين حتى لا يجر ذلك إلى الربا وجعل الهدايا في محل الفوائد.
وقال القرافي: إن السلف الصالح من الصحابة ورثوا المطلقة طلاقا بائنا في مرض الموت لكيلا يكون ذلك الطلاق ذريعة للحرمان من الميراث.
ومنها النهي عن قطع أيدي السارقين في الغزو حتى لا يلتحقوا بالمشركين، ولأجل ذلك قال ابن القيم: يمنع أمير الجند من إقامة الحدود أيام الحرب مع الكفار.
ومنها النهي عن الاحتكار فقال عليه الصلاة والسلام: لا يحتكر إلا خاطئ؛ لأن الاحتكار ذريعة إلى أن يضيق على الناس، ومن ذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل عن شراء صدقته ولو وجدها تباع في السوق سداّ لذريعة العود فيها، وحتى لا يعود فيما خرج من يده ولو بعوض، وقد يكون ذلك ذريعة للتحايل على الفقير بأن يدفع إليه صدقة ماله ثم يستردها بطريق الشراء بغبن فاحش!