للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتذليل هذه الصعوبات خطوة ضرورية، ومرحلة أولية للاستفادة من الفقه الإسلامي، وإن كانت الجهود المبذولة في الوقت الحاضر قد تجاوزت بعضًا منها، وأنَّى يكون الحماس لتطبيقه دون معرفته في صورة كاملة، بأسلوب مشرق!!!

ثالثًا: وثالثة الأثافي لأحكام خطة تطبيق الشريعة بين الشعوب الإسلامية عن قناعة تامة، وفهم كامل يكون بالقيام بدراسات علمية جادة لإزالة الشبه والشكوك في صحته وفاعليته، ومواكبته للتقدم الحضاري في العصر الحديث.

أيها السادة:

كانت الآمال معلقة في تكوين هيئات علمية متخصصة تمتلك الإمكانات المادية والطاقات الفكرية لمواجهة تلك المخططات بتأنٍ وعقلانية، وعلى نفس المستوى من الأحكام كالذي فعله المستعمرون، إن لم يكن أحكم وأضبط.

وتشاء إرادة المولى عز وجل وعلا الذي تكفل بحفظ هذا الدين، وإظهاره على الدين كله أن أصبحت الآمال أعمالًا بارزة، ومؤسسات شامخة، ومجامع فقهية، وهيئات علمية هنا وهناك بتمويل مادي وتعضيد معنوي من الدول الإسلامية، صدقت وعدها ليتحقق التخطيط والتنفيذ، وهكذا تهيأت أسباب العمل الناجح.

والمجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي أنجز في السنوات القليلة الماضية الأبحاث والدراسات للموضوعات الفقهية الملحة، وخطط لمشروعات علمية فقهية ما بعد إنجازًا كبيرًا في فترة قياسية.

ومجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي وقد اضطلع بهذه الأمانة الكبيرة، وأثبت قدرته في هذا الميدان بما تحقق على أيدي المسؤولين الأكفاء فيه قادر بمشيئة الله ثم بكفاءة نخبة الفقهاء المخلصين أن يسد الفراغ القانوني في العالم الإسلامي بتأليف مدونة فقهية كامل في المعاملات والأحوال الشخصية والجنايات والمحاكمات تلبي حاجة العصر وتواكب التقدم الحضاري في تخطيط سليم، ومسار شرعي مستقيم، يسجل به إنجازًا تاريخيًّا على مستوى العالم الإسلامي كالذي تحقق بظهور مجلة الأحكام العدلية العثمانية، يجد فيه العالم الإسلامي حكومات وشعوبًا بغيتهم، تقوم به الحجة على عامتهم وخاصتهم، فتقطع به اتهامات المبغضين، وتدحض به تبريرات المستسلمين المنهزمين.

ومما يعزز هذا المشروع ويعضده أن يخصص جانب من نشاط هذا المجمع المبارك لتجميع كافة دراسات المستشرقين والقانونيين والباحثين في الفقه الإسلامي، ودراستها وفحصها فحصًا علميًّا دقيقًا، للإفادة من نقدها، في سبيل إيجاد مدونة فقهية كاملة، ونقض ما يتخللها من نقائض ونقائص قد أسيء فيها فهم الشرعية قصدًا أو بغير قصد، بمنطق واعتدال.

إن تعبئة الطاقات البشرية، والإمكانات المادية لهذين المشروعين المتكاملين في المرحلة الجديدة القادمة تعد خدمة جليلة في سبيل مساعدة الدول الإسلامية للحكم بما أنزل الله، وتطبيق الشريعة بصورة كاملة في جميع الجوانب التشريعية.

إذا تحقق هذا بمشيئة الله بالخطى والخطوات المطلوبة على مستوى العصر فكرًا وتنظيمًا فسيكون علامة بارزة في تاريخ هذا المجمع، وأمجاد هذا الجيل من الفقهاء والمفكرين والدول الإسلامية المعاصرة تحمده لهم الأجيال الحاضرة والقادمة.

وإن أمانة المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بما هيأ الله لها من رئاسة وأمانة مخلصة يساندهم، ويقوي من أزرهم الفقهاء والمفكرون ورؤساء الدول الإسلامية جديرة بإنجاز هذه المهمات، وتحقيق الطموحات والتطلعات في سبيل إنجاز هدف سام، وغاية نبيلة، ذلك هو بذلك كل جهد من شأنه أن يساعد على تطبيق الشريعة لتعود للمجتمعات الإسلامية فضائلها، وتسترد بالاحتكام إليه عزتها وكرامتها، والله الموفق، وهو الهادي إلى الحق، وإلى طريق مستقيم.

أ. د. عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>