للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد دحض القرآن هاتين الحجتين الجاهليتين الواهيتين بقوله: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٥٩) } [لنحل ٥٨-٥٩] كما قرر: أن مكانة المرأة عند الله مثل مكانة الرجل يقول عز وجل {لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: ١٩٥]

إن الله هو الرزاق لكل مخلوقاته: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦] على أن يتخذ الإنسان الأسباب فيؤدي الجهد والعمل اللازم لتحصيل قوته: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: ١٥] وعلى أن يسود العدل في توزيع الأقوات على العباد {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨] إن الطفل يجب أن يحظى بالاحترام والعناية المطلقة من النطفة إلى الولادة إلى البلوغ ولو كانت ولادته من غير زواج شرعي ومعلوم أن الشرع قد فرض الكفالة على المجتمع للأولاد المشردين ولهذا الاعتبار خاصة نجد الفقهاء يبيحون العزل إذا دعت إليه الضرورة، رغم ضرره النفسي على الزوج والزوجة فالعزل الظرفي بالقياس إلى وسائل منع الحمل الحديثة مباح لكونه لا يلحق أذى بحياة موجودة ولا يمس أيضا بمبدأ حفظ النسل وقد بين الإمام علي كرم الله وجهه وأقره على ذلك الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن العزل ليس الموءودة الصغرى ولا تكون كذلك حتى تمر عليها الأطوار السبعة (١) وذلك بخلاف الإجهاض فإنه محرم تحريما قطعيًّا إلا لضرورة الحفاظ على صحة المرأة أو الولد؛ لأنه تَعَدٍّ واضح على حياة موجودة كما أنه خلاف التعقيم بكل الوسائل المؤدية إليه؛ لأنه تعطيل نهائي لوظيفة التناسل فهو ممنوع شرعا.


(١) انظر كتاب الحلال والحرام للدكتور يوسف القرضاوي صفحة ١٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>