للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنه يجب الإذعان بأنه لم يثبت نص وفتوى في ما عدا البيع.

ولكن ما المراد بمجلس الخيار؟ لا سبيل لنا لمعرفة المفهوم هنا إلا سبيل العرف بل لم يرد لفظ المجلس إلا بشكل عارض في بعض الروايات (١) .

والظاهر منه جو اللقاء بين المتبايعين، وحينئذ فيمكن أن يدعي أحد أن بقاء الاتصال التلفوني على بعد يعني بقاء مجلس التعاقد والخيار، وانقطاعه حتى – ولو كان صدفة لا عن اختيار – يعني انفضاض مجلس العقد وذهاب الخيار إذ إن العرف لا يفترق لديه أن يتم اتصال تلفوني مباشر أو بدني في مجلس واحد، وعنوان (افترقا) لا يصدق على الاتصال التلفوني حتى ولو كانا في طائرة أو سيارة متحركة.

وهل يمكننا تصور خيار المجلس في ما عدا الاتصال التلفوني؟ ذلك أمر مشكل حقًا ومن هنا فلا نستطيع تصور الخيار في غير ذلك أو شبهة كالاتصال من خلال المقابلة التلفزيونية المبثوثة عبر الأقمار الصناعية فهو كالتلفون بل أشد اتصالًا.

أما الرسالة والفاكسميلي وأمثالها فيبعد تصور مجلس فيهما حتى يتصور فيهما الخيار.

ومن هنا يعلم حكم النقطة الرابعة في مجال إمكان الرجوع بعد صدور الكتابة من قبل أي من الطرفين فإن الموجب بإيجابه أوجد العقد، إلا أنه لم يثبت إلا بعد صدور القبول، وحينئذ فله الرجوع قبل وصول الرسالة، أما إذا وصلت وصدر القبول فلا مجال لرجوع أي منهما عن العقد لعدم إمكان تصور خيار المجلس في هذه الحالة (حالة الكتابة) .

هذا في البيع، أما في العقود الأخرى فإن الأمر يتبع كونها من العقود اللازمة أو الجائزة، ووجود خيارات أخرى غير خيار المجلس فإنه يختص بالبيع والله أعلم.

الشيخ محمد علي التسخيري


(١) الوسائل: ١٢/٣٤٨، الحديث الثالث عن محمد بن مسلم عن الصادق (ع) .

<<  <  ج: ص:  >  >>