ومع ذلك فقد قرر الغزالي مع غيره أن العزل ترك الأفضل، بل إنه مكروه، لقد علق على حديث جذامة بنت وهب عن النبي صلى الله عليه وسلم: فإن قلت فقد قال: ((قوله عليه السلام: الوأد الخفي، كقوله: الشرك الخفي، وذلك يوجب كراهة لا تحريمًا)) .
وننتهي من هذا إلى أن بعض الفقهاء يقرر أنه ممنوع، وبعضهم يقرر أنه غير ممنوع، ولكنه ترك للأفضل، ومنهم من يقول: إنه مكروه.
وفي الجملة أن الإباحة لا تكون إلا برخصة باعثة وفي غيرها لا يكون جائزا، هذا ما ينتهي إليه التفكير السليم.
ويجب أن نقرر أن العزل أو المنع الشخصي للنسل يتعارض مع الفطرة، وفيه معارضة للأحاديث المتفق عليها الداعية إلى تكثير النسل ويعارضه أيضًا الأحاديث الصريحة المانعة له، حتى قال بعض العلماء إنها ناسخة لأحاديث الإباحة على سبيل الرخصة وخصوصًا الحديث الصحيح الذي قال:((إنه الوأد الخفي)) . ثم تعارضه قاعدة أجمع عليها المسلمون، وهي المحافظة على النسل، وقد أجمع العلماء على أن الضرورات التي يجب المحافظة عليها خمس: النفس والدين والعقل والنسل والمال. فنظرية منع النسل معارضة صريحة لكون المحافظة على النسل من الأمور الضرورية في الإسلام لإجماع العلماء.
تبين من البحث السابق أن المنع الفردي للنسل ترك للأفضل أو مكروه وإذا وجد موجبه عند الفرد كان مباحًا على مقدار هذه الرخصة الفردية، ولا يوجد في الفقه الإسلامي ما يجعل الرخصة الفردية جماعية لأمة من الأمم، أو لإقليم من الأقاليم، فالرخص دائمًا فردية.
الخلاصة:
١ - تحديد النسل بالنسبة للفرد مكروه أو ترك للأفضل. وبعض العلماء يقول: إنه حرام.
٢ - إذا وجد موجب تحديد النسل عند الفرد كان مباحًا على مقدار هذه الرخصة الفردية.