للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - روي عن جابر: ((كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل)) . وهو حديث متفق عليه، وفى رواية مسلم زيادة: (فبلغه فلم ينهنا) .

٢ - وروي عن جابر أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((إن لي جارية هي خادمتنا وساقيتنا، وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل. فقال: " اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها ")) رواه مسلم وأحمد وأبو داود.

٣ - عن أبي سعيد: ((كنا في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيا من العرب فاشتهينا النساء واشتدت علينا العزبة، وأحببنا العزل فسألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " لا عليكم ألا تفعلوا فإن الله قد كتب ما هو خالق إلى يوم القيامة ")) متفق عليه. واللفظ للبخاري، وظاهره أن المراد النهي عن العزل كما قرر ابن سيرين؛ لأن حرف لا للنهي، وقد تأكد النهي منه بعد ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم ألا تفعلوا " وببيان أن الله كتب ما هو خالق إلى يوم القيامة.

٤ - عن أبي سعيد الخدري قال: قالت اليهود: العزل الموءودة الصغرى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كذبت اليهود، إن الله عز وجل لو أراد أن يخلق شيئًا لم يستطع أحد أن يصرفه)) ، وقد ضعف بعض رواته، ويعارضه حديث أقوى منه سندًا.

٥ - عن جذامة بنت وهب الأسدية: ((حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس سألوه عن العزل فقال عليه السلام: ((ذلك الوأد الخفي)) {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} )) - رواه أحمد ومسلم، وهذا حديث صحيح، كل رجاله ثقات، ولذا لا يقف أمامه عند التعارض حديث أبي سعيد الخدري الخاص بموءودة اليهود؛ لأنه في حديث أبي سعيد ضعف، وهذا لا ضعف فيه، وبأنه يعاضده حديث غزوة بني المصطلق، والنهي عن العزل فيه صريح، ومن العلماء من رجح حديث أبي سعيد؛ لأن له طرقًا مختلفة، ولكن في كلها ضعف، والقوي لا يعارض بأحاديث قد كثرت طرق ضعفها، وقد قال الحافظ ابن كثير ذلك، هذا دفع للأحاديث الصحيحة بالتوهم والحديث صحيح لا ريب فيه.

والذي نراه أن هناك حديثين - متعارضين - متفق عليهما هما حديث جابر وحديث: وكنا نعزل - مع حديث بني المصطلق، ومثلهما، حديث الوأد الخفي مع حديث تكذيب اليهود متعارضان.

ولذلك اختلف العلماء في جواز العزل، ففريق جوزه، وفريق منعه، من هؤلاء ابن حزم وبعض الحنابلة، والذين أجازوه على أنه رخصة فردية، وإن اختلفوا في أسباب هذه الرخصة ما بين موسع ومضيق، ومن أشد من وسعوا الغزالي في الإحياء، فقد وسع في أسباب الرخصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>