فهذه الآيات تدعو إلى الاعتماد على الله في رزق الأولاد بعد أخذ كل طريقة في الكسب الحلال، وإن التعاون الذي فرضه تعالى على المؤمنين، والتكافل الإجتماعي الذي أوجبه عليهم يوجبان أن يعين الغني الفقير، وذو اليسرة ذا الحاجة، فإذا كان هناك ذو عيال لا يجد ما يكفيهم بالمعروف كان على من يجد أن يمدهم بالعون، والدولة تأخذ من القادر لتكفل غير القادر، فالنسل قوة للأمة، وبدل أن نقول لكثرة العيال أقتل أسباب النسل في أصلاب الآباء أو أرحام الأمهات نقول للدولة: خذي من ذوي الفضل من المال وأعطي من يحتاج، والجميع بكثرتهم قوة للأمة.
هذه هي النظرة العامة للشريعة بالنسبة للنسل وهي تدعو إلى الإكثار لا التحديد، فالأحاديث تحث عليه والقرآن يشير إليه وهو الفطرة، وتحديده يناقضها ولكن وردت أحاديث في العزل، وهو إلقاء النطفة في غير مقرها من الأرحام لكيلا يكون إنتاج، وفي بعضها صحة وقوة، فما مدى دلالتها وقوتها في الوقوف أمام الدعوة إلى الإكثار من النسل؟ فلننظر في هذا فإن كثيرين من الذين يتكلمون في هذا يتخذون منه دليلًا للدعاية العامة لتحديد النسل، لقد وردت أحاديث في العزل بعضها متفق عليه في الصحاح، وبعضها سنده ضعيف، ولنذكر ما عثرنا عليه منبهين إلى الضعف، وموفقين بين ما ظاهره التعارض.