للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب أن يكون المتحدث في هذه الأمور، غايته الاهتداء إلى الحق والصواب، فإذا خفي عليه شيء سأل أهل العلم والخبرة، استجابة لقوله سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [سورة الأنبياء: الآية ٧] .

والمراد بأهل الذكر هنا: الخبراء وأهل الاختصاص في كل علم وفن. ففي مجال الطب نسأل الأطباء، وفي مجال الفقه نسأل الفقهاء. وهكذا في كل علم نسأل الخبراء فيه.

وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه الشيخان عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضى الله عنهما – قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من قلوب الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضَلُّوا وأَضَلُّوا)) .

رابعاً: إن الأصل في العبادات أنها مبنية على الاتباع والاقتداء بدون زيادة أو نقصان، لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنها لا تقبل الابتداع أو الاختراع أو الاجتهاد. ففي شأن الصلاة – مثلا – يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) .

أما المعاملات فإنها مبنية على التيسير والتوسعة وتعدد الوسائل، ورعاية مصالح الناس، في حدود شريعة الله تعالى، وفي النطاق الذي لا يتعارض مع آداب الإسلام ومع سماحته.

وفي هذا المعنى يقول الإمام ابن تيمية – رحمه الله -: الأصل في العبادات: التوقيف أي الدقة في الاتباع، فلا يشرع فيها إلا ما شرعه الله. وإلا دخلنا في معنى قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} .

والأصل في المعاملات: العفو والحل. فلا يحظر منها إلا ما حرمه الله، وإلا دخلنا في معنى قوله تعالى {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا ... } (١) الآية (١) . .


(١) الفتاوى الكبرى: ٣/ ٤١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>