للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان الفقهاء – رحمهم الله – في شأن مشاركة الكتابي – اليهودي والنصراني – قال الشافعية: تكره مشاركة اليهودي والنصراني لأنهم يستحلون الربا والربا لا يحل. وقال المالكية – ونحو قولهم قال أحمد -: لا تجوز مشاركته إلَّا أن يلي المسلم التصرف أو ألَّا ينفرد الكتابي بالمال، خشية أن يقع في الربا. فإذا كان الفقهاء قد حذروا ومنعوا من مشاركة غير المسلم للمسلم ولم يأذنوا له بإطلاق التصرف في الإدارة خشية من الوقوع في الربا، فكيف نجيز أن تودع الشركات بفوائد ربوية أو تأخذ تسهيلات ربوية؟ وإذا كان الفقهاء – أيضًا – قالوا في السبب الباعث على العقد: إنه يحرم العقد ويبطل إذا كان السبب الباعث عليه محرمًا كبيع العنب لمن يتخذه خمرًا – لمن يعصره خمرًا – مع أنه قد لا يعصره خمرًا, وكبيع السلاح في أيام الفتنة ولقطاع الطرق. إذا كانوا حرموا العقد وأبطلوه وأصله جائز، فبيع العنب أو التمر جائز ومع هذا منعوه فكيف نجيز صورة واضحة فيها الربا؟ أما مسألة إخراج نصيبه من الحرام وتقديره فهذا قال به الفقهاء لكن هذا يتوب لمن أراد أن يتوب وأن يخلص أمواله من الربا. شخص وقع في أمر محرم أو في ربا واختلط ماله بالحرام يميز قدر هذا من قدر هذا، لكن لا يكون هذا في إنسان يعلم أن الشركة تتعامل بالفوائد الربوية ويشتري أسهمها أو يشارك في أسهمها. هذا الذي قاله الفقهاء هو في إنسان وقع خطأ أو جهلًا بأمر من الأمور فتبين له مستقبلًا أنه حرام كيف يطهر ماله؟ يتخلص بإخراج الحرام ثم إن هذا لا يجيز له أن يعيد الكرّة تلو الكرّة وإنما هي توبة وإخراج لهذا الجزء، أما أن يخرج كل مرة وكل سنة فهذا لم يقل به الفقهاء. أما ما قاله البعض من الإخوة الأفاضل من إمكانية تجويز هذا للحاجة ولأن كثيرًا من الناس لا يستطيعون أن ينموا أموالهم إلَّا بطريق توظيفها في هذه الشركات، لماذا لا تكون شركات سليمة من الربا؟ وهل كل الشركات القائمة حاليًّا تتعامل بالفوائد الربوية؟ ثم إنه ماذا تريد البنوك الربوية أكثر من أن يصدر لها فتوى بجواز مثل هذا؟! إذا وافق أو رأى بعض المشائخ جواز استثمار الأسهم في الشركات التي تودع أموالها بفوائد ربوية أو تقترض بفوائد ربوية ماذا بقي بعد هذا؟ وماذا تريد البنوك الربوية أكثر من هذا؟

هذا ما أحببت أن أضيفه وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>