أما الضمان المجرد، وهو عقد تبرع، فلا يجوز أن يكون له أجر أو جعل، وهذا الحكم مستمد من النص، وأجمعت عليه الأمة مدة أربعة عشر قرنا من الزمان، فليس لنا أن نترك النص، ونخرج على هذا الاجماع المستقر. وهنا أثيرت نقطة لتأييد جواز الجعل مقابل المخاطرة في الكفالة، وهذا يعنى أن القول بالاجماع غير صحيح!
قال القائل: لننظر إلى ضمان السوق عند الحنابلة: فيجوز أن يجعل لشخص ما أجر مقابل تعهده بحماية ما في السوق، وضمانه له.
فكان الرد بالإشارة إلى ضمان السوق الذي سبق الحديث عنه، وهو تبرع خالص لا أجر له. أما ما ذكر هنا فهو عقد إجارة أو جعالة وليس كفالة. فالأجر أو الجعل مقابل حراسته للسوق، فهو أجير عام وليس كفيلا. فالضمان إذن جاء في عقد آخر، وهو ما تناولناه في بداية الحوار، فالإجماع إذن صحيح لم ينقض. وذكر أن المصارف الإسلامية يمكن أن تستفيد من هذا، كأن تجعل كفالتها مع اشتراكها بنسبة يتفق عليها مع العميل، ويكون الاشتراك في الغنم والغرم:
مثال هذا: أن يأتي عميل لفتح اعتماد مستندي، والغطاء جزئي، لاستيراد سلعة معينة، فيشاركه المصرف بنسبة ٢ % مثلا، ويشترك معه في الكسب أو الخسارة بهذه النسبة، بدلا من أن يأخذ أجرا أو جعلا مقابل الجزء غير المغطى. فالضمان هنا ليس كفالة مجردة، وإنما أصبح داخلا في عقد شركة.