(هـ) أن الأصل في العقود والشروط قيامها على التراض بين العاقدين، وتترتب آثارها عليها تبعا لهذا التراضي.
وفى ذلك يقول الله - تعالى -: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} ، ويقول في المهر:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} .
فقد أحلت الآيتان الأموال فيهما بناء على الرضا في الآية الأولى، وطيب النفس في الآية الثانية، ما لم يكن هناك دليل خاص لتحريم عقد خاص أو شرط خاص.
(و) أن العقود والشروط التي تتم بين الناس أمور مقصورة لهم، يرون فيها مصلحتهم التي لا تلحق الضرر بغيرهم، ولولا حاجتهم إليها ما عقدوها ولا اشترطوها. (١) .
فيجب رفع الحرج والضيق والعنت عن الناس بتجويزها وتصحيحها وترتيب الآثار عليها ومنع عقد أو شروط من غير دليل شرعي- مع هذه المصلحة وتلك الحاجة للمتعاقدين- يؤدي إلى الحرج والضيق والعنت، الذي رفعه الشارع الإسلامي، في مثل قوله تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} أي ما جعل وما شرع ما يحرج عباده كما جاء في الآية الأولى، يريد أن يجعل فيشرع باسمه سبحانه ما يحرج عباده وهو العليم الحكيم، الرؤف الرحيم. (ز) أن العقود والشروط المقترنة والمرتبطة بها لا يخلو حكمها من أحد أحكام ثلاثة:
- ألا تحل إلا بدليل خاص من كتاب أو سنة أو دليل يستند إليهما، فإذا حلت بهذه الصورة وجب الوفاء بها.
(١) وإذا كان المذهب الحنبلي-كما يعبر عنه ابن تيمية- قد قرر من أول النظر الفقهي حرية العاقدين في التعاقد والاشتراط، فان المذهب الحنفي ينتهي إلى نحو ذلك عن طريق العرف، حيث أجاز كل شرط يجرى به العرف المحقق لمصالحهم