للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشترط في عقد السلم عند الحنفية كون جنس المسلم فيه (المبيع) موجودًا في الأسواق بنوعه وصفته من وقت العقد إلى وقت حلول أجل التسليم ولا يتوهم انقطاعه عن أيدي الناس، كالحبوب، ولا يشترط ذلك في عقد الاستصناع ولم يشترط باقي المذاهب أو الجمهور هذا الشرط في السلم ويكفي وجود جنس المسلم فيه عند حلول أجل التسليم.

ويشترط الحنفية والشافعية والحنابلة إمكان ضبط المسلم فيه بالصفات بأن يكون من المثليات (المكيلات أو الموزونات أو الذرعيات أو العدديات المتقاربة) كالأقمشة والمعادن والرياحين اليابسة والجذوع إذا بين طولًا وعرضًا وغلظًا، ولا يصح السلم فيما لا يمكن ضبطه بالوصف كالدور والعقارات والجواهر واللآلئ والجلود والخشب، لتفاوت آحادها تفاوتًا فاحشًا في المالية، أما الاستصناع فيصح في الأمرين إذا تعامل الناس به وصحح المالكية السلم فيما ينضبط وما لا ينضبط بالوصف وأجاز الحنفية استحسانًا السلم في بعض الأشياء غير المثلية أيضا كالثياب والبسط والحصر ونحوها كما تقدم.

ولا بأس بالسلم في اللبن والآجُرِّ إذا اشترط فيه المشتري (رب السلم) ملبنًا معلومًا، لأنه إذا سمي الملبن، صار التفاوت بين لبن ولبن يسيرًا، فيكون ساقط الاعتبار، فيلحق بالعددي المتقارب.

ويصح السلم فيما جرى به التعامل أو لم يجر فيه التعامل، أما الاستصناع فضابطه أنه يصح في كل ما يجري فيه التعامل فقط، ولا يجوز فيما لا تعامل لهم فيه، كما إذا أمر حائكًا أن يحوك له ثوبًا بغزل نفسه، ونحو ذلك مما لم تجر عادات الناس بالتعامل فيه؛ لأن جوازه، مع أن القياس يأباه ثبت بتعامل الناس، فيختص بما لهم فيه تعامل، ويبقى الأمر فيما وراء ذلك متروكًا إلى القياس، لكن جرى التعامل في عصرنا باستصناع الثياب، فيكون جائزًا، لأن جريان التعامل يختلف باختلاف البلدان والأزمنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>