يرى الحنفية: أنه لبيان صفة هذا العقد يلزم التفرقة بين احتمالات ثلاثة: حالة ما قبل العمل في السلعة المطلوب صنعها وحالة ما بعد العمل فيها، قبل رؤية المستصنع الشيء المصنوع وحالة ما بعد هذه الرؤية.
الحالة الأولى: حالته قبل العمل في الشيء المستصنع:
أما صفة عقد الاستصناع قبل العمل في الشيء المصنع: فهو عقد غير لازم في الجانبين، جانب الصانع، وجانب المستصنع، بلا خلاف عند الحنفية.
وبناء على ذلك يكون لكل واحد منهما خيار الامتناع عن العمل، كالبيع المشروط فيه الخيار للمتبايعين، ويكون لكل واحد منهما الفسخ، لأن القياس يقتضي ألا يجوز عقد الاستصناع – كما سبق ذكره – وإنما عرفنا جوازه استحسانا لتعامل الناس، فبقي اللزوم على أصل القياس.
أو نقول إن جواز عقد الاستصناع للحاجة، وهي في الجواز، لا اللزوم. ولذا قلنا إن للصانع أن يبيع المصنوع قبل أن يراه المستصنع، لأن العقد غير لازم.
الحالة الثانية: حالته بعد العمل في الشيء المستصنع، وقبل رؤية المستصنع له:
أما صفة عقد الاستصناع بعد الفراغ من العمل في الشيء المستصنع، وقبل أن يراه المستصنع، فهو أيضا عقد غير لازم، لأنه لا يتعين إلا باعتبار المستصنع، حتى كان للصانع أن يبيعه ممن شاء (كذا ذكر في الأصل) لعدم تعينه، لأن العقد ما وقع على عين المعمول، بل على مثله في الذمة، لما ذكرنا من أنه لو اشترى المصنوع من مكان، وسلمه إليه، جاز، وهذا دليل على أنه يتعلق بالذمة (مثله) ولا يتعلق بالعين.
* وكذا لو باعه الصانع لغير المستصنع، وأراد المستصنع أن ينقض البيع ليس له ذلك، لأنه لا يتعين إلا باختيار المستصنع، ولم يختر، لكنه لم يره.
* ولو استهلك الصانع المصنوع قبل رؤية المستصنع للشيء المصنوع فهو كالبائع إذا استهلك المبيع قبل التسليم – كذا قال أبو يوسف – فإنه لا يجب شيء، إذ قد فات في مقابل الثمن، فلا يستحق البائع شيئا، ومثله هذا.
الحالة الثالثة: حالته بعد انتهاء العمل وإحضار المصنوع للمستصنع: إذ أحضر الصانع العين للمستصنع على الصفة المشروطة، ورآها، فقد اختلفت الرواية في اللزوم وعدمه بالنسبة لكل من الصانع والمستصنع إلى ثلاث روايات: