للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقام بعد ذلك من يدافع عن أصحاب رؤوس الأموال وضنوا بتطبيق هذه القوانين التي هي لفائدة العمال ووضعوا عقدًا يسمى عقد العمل ودونوا فيه من البنود ما لو تمسك بها الطرفان لما استفاد العامل بشيء ولو كانت إصابته وقت العمل بل ولو ذهبت بحياته كل ذلك تحايلًا على الإفلات من تطبيق القوانين قوانين حماية العمال وهو في غاية الاحتياج لسد الرمق يقدم له العقد المذكور فإن نازع فيه رفض ولكنه لشدة احتياجه وتحت تأثير الضرورة يتقدم ويمضيه ومثل هذا العقد في الواقع باطل لأنه فقدت فيه إرادة العامل هذا من جهة ومن جهة أخرى ففيه إسقاط الحق قبل وجوبه وكل حق أسقط قبل وجوبه لا يلزم لأن التنازل وإسقاط الحقوق إنما يكون عن شيء محقق أو مقدر الوجود غالبًا ولذا تعهد العامل بأن لا يطالب صاحب العمل بتعويض عما يصيبه في عمله كان تعهده هذا باطلًا، وأما ضمان الصناع شرعًا فإنهم يضمنون ما هلك عندهم إذا كانوا يأخذون العمل في بيوتهم ودكاكينهم أو يغيبون عليه دون حضور صاحبه فكان لزامًا أن يضمنوا كل ما أتى على أيديهم من حرق وكسر أو قطع في المصنوع إن قام بالعمل في محله والقاعدة العامة أن الأجير ليس بضامن لما هلك عنده مما استوجب عليه لأنه أمين ولا ضمان على الأمين إلا أن يتعدى سواء أكان التعدي بالنفس أو بالسبب لعدم الاحتياط والإهمال فإن هلك بغير تعديه ومع احتياطه فلا ضمان عليه كذلك لا ضمان عليه لما فيه غرر كثقب الجواهر ونقش الفصوص وقد ضمَّن مالك رحمه الله الصناع لما هلك عندهم عملًا بقول علي: لا يصلح الصناع إلا ذلك، اللهم إلا أن تقوم لهم بينة على هلاكه من غير تعديهم ومن التزم عملًا ملحوظًا فيه شخص الملتزم كخياط معروف أو نجار أو حداد مثلًا معينًا فيتعين عليه أداء الالتزام بنفسه حسب التعاقد فإن أداه غيره فللملتزم له الامتناع عن القبول ولو تلفت مادة الالتزام فالملتزم ضامن لأنه يجعله الغير يفي بما التزم هو به مع أنه هو المقصود بالذات اعتبر ذلك تعد منه والمتعدي ضامن والصانع أحق بما صنع مما تحت يده متى كان يعمل في بيته أو حانوته حتى يأخذ أجره ومعنى هذا إن عامل الغرس والبناء كالبستاني وكالبناء والمهندس له حق الامتياز على ما عمل ما لم يسلمه لربه ومتى سلمه لربه حاصص بدينه كبقية الغرماء كالصانع فإن سلم ما تحت يده للمالك فلا امتياز له بل يشارك كبقية الغرماء (١) ،


(١) المقارنات التشريعية بين القوانين الوضعية المدنية والتشريع الإسلامي، لعبد الله علي حسين:٣/٩٠

<<  <  ج: ص:  >  >>