للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع السادس

هل للمشتري أن يتصرف تصرفًا ناقلًا للعين؟

لا ريب في أن للبائع أن يتصرف في الثمن لأن التصرف هو المقصود بالعقد ابتداء ولو تصرف به تصرفًا ناقلًا سقط خياره على النحو المتقدم هذا إذا كان الثمن شخصيًّا طبعًا.

أما المشتري فهل يجوز له ذلك؟

هذه المسألة تدخل تحت بحث مهم طرحه علماء الإمامية في باب أحكام الخيار تحت عنوان (عدم جواز تصرف غير ذي الخيار) وقد استعرض الشيخ الأعظم في مكاسبه (١) أقوالهم بإسهاب وذكر أقوال القائلين بالمنع وتفصيلاتها ثم قال رادًّا عليها: (هذا غاية ما يمكن أن يقال في توجيه المنع لكنه لا يخلو عن نظر فإن الثابت من خيار الفسخ بعد ملاحظة جواز التفاسخ في حالة تلف العينين هي سلطنة ذي الخيار على فسخ العقد المتمكن في حالتي وجود العين وفقدها فلا دلالة في مجرد ثبوت الخيار على حكم التلف (التصرف) جوازًا ومنعًا فالمرجع فيه أدلة سلطنة الناس على أموالهم ألا ترى أن حق الشفيع لا يمنع المشتري من نقل العين، ومجرد الفرق بينهما بأن الشفعة سلطنة على نقل جديد فالملك مستقر قبل الأخذ بها غاية الأمر تملك الشفيع نقله إلى نفسه بخلاف الخيار فإنها سلطنة على رفع العقد وإرجاع الملك إلى الحالة السابقة لا يؤثر في الحكم المذكور مع أن الملك في الشفعة الأولى بالتزلزل لإبطالها تصرفات المشتري اتفاقًا وأما حق الرهن فهو من حيث كونه وثيقة يدل على وجوب إبقائه وعدم السلطنة على إتلافه مضافًا إلى النص والإجماع على حرمة التصرف في الرهن مطلقًا ولو لم يكن متلفًا ولا ناقلًا ... والحاصل أن عموم الناس مسلطون على أموالهم لم يعلم تقييده بحق يحدث لذي الخيار يزاحم به سلطنة المالك فالجواز لا يخلو عن قوة في الخيارات الأصلية.

أما بالنسبة للخيارات المجعولة بالشرط فالظاهر من اشتراطها إرادة إبقاء الملك ليسترده عند الفسخ بل الحكمة في أصل الخيار هو إبقاء السلطنة على استرداد العين) (٢) .


(١) المكاسب (طبعة تبريز) ، ١٣٧٥هـ: ص٢٩٥.
(٢) المكاسب، طبعة تبريز: ص٢٩٦

<<  <  ج: ص:  >  >>