للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثامن

في الكفالة بمال الوفاء والحوالة به والصلح عنه

(الكفالة بمال الوفاء من المشتري للبائع) اعلم أن الكفالة بمال الوفاء إما عن المشتري للبائع أو العكس. فإن كان الأول فهي صحيحة لأنها وإن كانت تستدعي كون المكفول به دينًا للمكفول له على المكفول عنه فمال الوفاء ههنا كذلك لأنه يترتب دينًا للبائع بذمة المشتري بمجرد العقد، (الكفالة به عن البائع للمشتري) وإن كان الثاني فإنها تصح مضافة لوقت لفسخ لا منجزة لما اشتهر أن مال

[٤١٨] الوفاء ليس بدين بذمة البائع للمشتري ما دام عقد الوفاء قائمًا لم يفسخ، وإنما يصير دينًا له عليه بعد الفسخ. وذلك لأن هذا العقد معتبر بالنسبة للمشتري بيعًا باتًّا ليحل له نزله ومنافعه. وذلك يستدعي أن ما دفعه من مال الوفاء للبائع ثمن ما باعه له، وثمن المبيع يستحيل أن يكون دينًا للمشتري على البائع (١) وعقد البيع قائم، كيف وقد ملك ما هو عوضه وهو المبيع! فلو كان دينًا له عليه لكان مملوكًا له فيلزم مع ملكه للمبيع اجتماع العوضين في ملك شخص واحد.

نعم إذا فسخا هذا العقد يصير حينئذ دينًا له عليه كثمن المبيع بيعًا باتًّا حقيقة إذا فسخه عاقداه بالإقالة حيث يصير الآن دينًا للمشتري على البائع، وإن لم يكن دينًا له عليه قبلها. وذكر في الفصول نقلًا عن جده إذا (كان الكفيل عن البائع به للمشتري هو الذي كان مشتريًا وفاء قبله) أن لا فرق في كون الكفالة به لا تصح إلا مضافة لحين (٢) الفسخ بين كون الكفيل به أجنبيًّا عن عقده أو مشتريًا فيه، وصور هذا بما إذا تكرر من البائع بيع الوفاء مرتين، وكان عقد الثاني بإجازة المشتري الأول، ثم إن المشتري الثاني خاف أن يتوى حقه على البائع فطلب كفيلًا به فكفله فيه المشتري الأول، فإن هذا الكفيل ليس أجنبيًّا عن عقد الوفاء إذ هو مشتر فيه، ومع ذلك لا تصح كفالته إلا مضافة كالأجنبي (٣) . [وإنما نص على هذا خشية توهم صحة الكفالة ههنا منجزة، لا كالأجنبي] (٤) بشبهة أن الوفاء قد انفسخ بالإجازة، ومتى انفسخ فقد ترتب ماله دينًا على البائع، وحيث ترتب عليه صح تنجيز الكفالة به، ولكنها شبهة واهية لأن هنا وفاءين مرتبين:

أولهما بين البائع والكفيل

[٤١٩] الذي هو المشتري الأول وهو الذي انفسخ بالإجازة وترتب ماله دينًا على البائع لكن الكفالة لم تقع به.


(١) الحال. ب؛ إذ المال يجب على البائع بعد الفسخ لا في الحال. قاله الفضلي في فتاواه. الطرابلسي: ١٤٨.
(٢) عبارة الفصول: إلا إذا كان الضمان مضافًا إلى ما بعد الفسخ.
(٣) سئل عمن باع دارًا بيعًا جائزًا ثم إن البائع باعه من غيره بيعًا جائزًا بإجازة المشتري ثم إن المشتري الثاني قال: إني أخاف أن يتوى حقي على البائع فضمن المشتري الأول لا يصح إلا إذا كان الضمان مضافًا إلى ما بعد الفسخ كما في الأجنبي) . العمادية: ١٠٧ أ؛ الجامع: ١/٢٤٣.
(٤) ساقطة من ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>