للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال الذي أفتي به في بياعات نواحي سوس وجبال درن أنها رهون لأنهم يعتقدون أنها على ملك بائعها ويطلبون فيها زيادة الأثمان والمبيع بيد مشتريه وإذا كان هكذا فلا يفوت بشيء بل هي على ملك الأول إلا أن يرضى بإمضاء البيع فيها والسلام. اهـ. بلفظه.

وبعد أن أورد التسولي هذه الفتيا عقب عليها بقوله: ولا يخفى أنها في نواحي فاس وجبالها كذلك ولا يشك منصف فيه والله أعلم (١) .

هذا قيد أول قيد به الخلاف، وهناك قيد ثان وهو أن الغلة إنما تكون للمشتري على القول بأنه بيع فاسد إذا قبض ملك المبيع لأن الضمان إنما ينتقل للمشتري في البيع الفاسد بالقبض. قال خليل: (وإنما ينتقل ضمان الفاسد بالقبض ورد ولا غلة) (٢) .

وأما إذا لم يقبضه المشتري كما إذا اشترى منه حائطه بالثنيا وتركه بيده مساقاة أو إجارة أو ما شاكل ذلك لتكون له غلته فلا غلة للمشتري قولًا واحدًا وذلك لعدم انتقال ضمانه إليه وسواء اشتراه المشتري بثمنه المتعارف أو بأقل من ذلك بقليل أو كثير ولو قبضه المشتري ورده البائع بمساقاة ونحوها لم تكن للمشتري الغلة لأن ما خرج من اليد وعاد إليها لغو كما هو مبحوث في بيوع الآجال.

هذا ولا بد من ملاحظة أنه على القول بأنه بيع فاسد إذا وقع أن أمضاه البائع للمشتري قبل فسخه فلا يصح لأنه بناء على فاسد والمبني على الفاسد فاسد ولعل ما ساقه الونشريسي في المعيار من فتوى لأبي الحسن الصغير شارح المدونة ترينا تطبيق ما ذكرت بوضوح حيث قال: وسئل عن إخوة باعوا فدادين لهم بيع ثنيا واشترطوا إن لم يأتوا بالثمن إلى أجل ذكروه فالبيع ماض ثم بعد ذلك مات أحدهم وترك ابنًا وبنتًا فلما مضى الأجل أمضى الأخوان الحيان البيع في المبيع للمشتري وتمموه له من غير أن يفسخ العقد الأول الفاسد ولا عرضوا له، ثم غرس المشتري المذكور فدانًا واحدًا من الفدادين وبقي في يده عشرين سنة وقام الابن والبنت ولدا الميت بعد العقدة الفاسدة الأولى وقبل عقدة الإمضاء الثاني فطلبوا حصتهم فما الحكم؟


(١) البهجة في شرح التحفة: ٢/٦١، الطبعة الثانية شركة مكتبة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر ١٣٧٠هـ - ١٩٥١م.
(٢) المختصر مع شرح عبد السميع الأبي: ٢/٢٧، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>