للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة - التنازع في عقد الثنيا:

إذا اختلف المتبايعان بالثنيا في العقد المنبرم بينهما فقال أحدهما: وقعت على الطوع بعد تمام العقد وانبرامه وقال الآخر: بل وقعت شرطًا في أصل العقد ولولا وقوعها شرطًا في أصل العقد ما وقع البيع، وإنما كتبت طوعًا خوفًا من الفساد فالقول قول من؟

نقل ابن عرفة عن ابن فتحون: إذا ادعى أحدهما في الثنيا المنعقدة بالطوع أنها كانت شرطًا في العقد حلف الآخر على نفسه لما عرف بين الناس من العقد في الظاهر بخلاف الباطن، ولا يسقط حلفه إلا ببينة حضرت ابتياعه.

وعقب نقادة المذهب ابن عرفة على قول ابن فتحون: (ولا يسقط حلفه ... ) إلخ أن مجرد ذكره في وثيقة البيع لا يسقط هذه اليمين، وظاهر قول المتيطي أن ذكره في الوثيقة يسقطها والصواب الأول (١) .

كما نقل ذلك قاضي الجماعة بتونس في عهد الدولة الحفصية ابن عبد الرفيع في ((معين الحكام)) ، وعن ابن سلمون: فإن ادعى أحدهما أن ذلك كان شرطًا في نفس البيع والآخر أنه كان طوعًا ففي وثائق ابن العطار: القول قول مدعي الطوع مع يمينه، وقيل لا يمين عليه مع البينة التي قامت له بالطوع، وقال سحنون: إن كان متهمًا بمثل هذا فعليه اليمين وإلا فلا، وفي كتاب الاستغناء قال المشاور: ومن ادعى منهما أن ذلك كان شرطًا في نفس الصفقة حلف وفسخ البيع لما جرى من عرف الناس وبذلك الفتوى عندنا (٢) .

وقد درج ابن عاصم على أن القول قول مدعي الطوع بعد تمام العقد تبعًا لغيره فقال:

والقول قول مدع للطوع

لا مدعي الشرط بنفس البيع

ولم يجر عليه عمل والذي جرى عليه العمل أن القول لمدعي الشرطية لضعف الوازع الديني وغلبة الفساد في العقود وقد اعترض ابن ناظم تحفة الحكام على والده قائلًا: إن ابن العطار وقف مع قولهم أن القول لمدعي الصحة دون ما قيد من قولهم: إلا حيث يغلب الفساد يريد: وهذه المسألة مما يغلب فيها الفساد فيجب أن يكون القول فيها لمدعيه كما قال ابن الفخار، ومما يدعمه ما قاله ابن فرحون في تبصرة الحكام إذا اختلف المتبايعان في صحة العقد وفساده فالقول لمدعي الصحة إلا أن يكون جل أهل ذلك البلد أن معاملتهم على المكروه والحرام فالقول قول مدعي ذلك مع يمينه لأن استفاضة ذلك وشهرته في البلد صار كالبينة القاطعة والشهادة التامة وعلى مدعي الحلال البينة وهو قول خليل: (والقول لمدعي الصحة إلا أن يغلب الفساد) .


(١) انظر: المختصر الفقهي، لابن عرفة: ٢/١٥٥، ط ١٥٦؛ ومخ دار الكتب الوطنية مخ بدار الكتب الوطنية، بتونس تحت عدد ١٢٤٧.
(٢) العقد المنظم للحكام: ١/١٩٦، بهامش كتاب تبصرة الحكام.

<<  <  ج: ص:  >  >>