إذا نظرنا إلى ما ذكره أجلة الفقهاء من المذاهب الأربعة، وجدناهم متفقين على أن بيع الوفاء لو كان خاليًا عن شرط الرد في صلب العقد يكون جائزًا، أما إذا شرط رد المبيع في صلب العقد يكون البيع فاسدًا عند الأحناف والمالكية والشافعية. أما الحنابلة فيرون البيع صحيحًا والشرط فاسدًا، فإذا كان البيع خاليًا عن ذكر شرط الرد فالراجح في المذاهب الأربعة أنه جائز، وذلك لكونه بيعًا خاليًا عن شرط، وهل يجب الرد على أحد المتعاقدين إذا اتفقا على رد المبيع عند رد الثمن، وكان ذلك الاتفاق قبل عقد البيع أو بعده بصورة المواعدة، فنرى الراجح أنه يجب عليهما الرد إذا تواعدا على ذلك، ويكون الوعد ملزمًا ديانة وقضاء. أما وجوب لزوم الوعد ديانة فظاهر بقوله تعالى:{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} . [الإسراء: ٣٤]
وبالنصوص التي تدل على إيفاء الوعد. وأما لزومه قضاء، فالأمر عند الإمام مالك ظاهر، كما تقدم، وفقهاء الحنفية أيضًا اختاروا في هذه المسألة لزوم الوعد قضاء لحاجة الناس. فهو الراجح عند الإمامين الجليلين، ويفهم من مذهب الإمام الشافعي لزوم الوعد ديانة لا قضاء، كما هو الظاهر من فتوى الشيخ ابن حجر الهيثمي. فلا مانع لدينا من أن نفتي بجواز بيع الوفاء إذا كان خاليًا عن الشرط في صلب العقد وجوب رد المبيع على المشتري إذا وعد به البائع بعد انعقاد البيع أو قبله بصفة مستقلة. والله سبحانه وتعالى أعلم.