نشير بادىء ذي بدء إلى أن هذه القوانين بصرف النظر عن مآخذها وأسانيدها ومراجعها واعتماداتها الفقهية تنظر إلى هذه الصفقات بعين الحرمة والمنع ومن زاوية التشنيع الصرف.
وقد أردنا أن نضيف إلى هذا البحث الفقهي حسب المنهج السابق كلمة تشرح نظر هؤلاء الفقهاء في القانون خاصة وأن بعض البلاد الإسلامية نسجت على منوال الدولة العثمانية وقننت قوانينها المدنية مقتبسة أحكامها من الشريعة الإسلامية السمحة.
وأحسب أن الاطلاع على ذلك إذا لم يكن فيه إيضاح وشرح لم تكن فيه مضرة ويمكن أن يناله الطرح خاصة وأن الاطلاع على الواقع واجب تفرضه كل الظروف ويُحتِّمه فهم الرأي الآخر لتدبر معانيه وفهم مراميه ودحض ما به من اعوجاج والحكم على الشيء فرع عن تصوره.
ونضع عينات توضح هذه الحرب التي حاربت بها القوانين الوضعية تلك العقود المعبر عنها ببيع الوفاء وبيع الثنيا وبيع العهدة وبيع الأمانة وبيع الطاعة وبيع المعاملة وهي كلها أسماء لمسمى واحد اختلفت حسب اختلاف المذاهب والأماكن وهو عقد أحدث تحيلًا للوصول إلى المرابيح المالية من طريق تكسوه الصفة الشرعية وتبعده عن المعاملات الربوية.
ننقل أولًا ملخص المناقشات حول هذا الموضوع من طرف اللجنة البرلمانية المصرية حسب مجموعة الأعمال التحضيرية.
يقول التقرير:(تناولت اللجنة بيع الوفاء وقد رأت بالإجماع أن هذا النوع من البيع لم يعد يستجيب لحاجة حيوية في التعامل إنما هو وسيلة ملتوية من وسائل الضمان تبدأ ستارًا برهن وينتهي الرهن إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس) .