١- يبدو والله أعلم أن هناك بعض الحالات التي يجب فيها التداوي وذلك: مثال الأمراض المعدية التي ينتقل ضررها إلى الآخرين والتداوي منها ممكن متيقن، أو يغلب الظن على حصول البرء والشفاء. ومثال ذلك مرض السل وهو مرض خطير إذا أهمل ولا يقضي على المريض فحسب وإنما ينتقل إلى من حوله أو إلى غيرهم بسبب البصاق الذي فيه ميكروب الدرن. ومثاله أيضًا الجذام الذي يمكن القضاء على ميكروب الجذام المعدي وإيقاف انتشار المرض، ومداواته وبرؤه إن كان لم يستفحل بعد.
وهناك العديد من الأمراض التي تفرض الدول والمجتمعات القيود على المصاب بها وتفرض عليه التداوي ومثالها الدفتريا (الخناق) ، التتانوس (الكزاز) التيفود الكوليرا (الهيضة) ، السل والجذام والأمراض الجنسية وأنواع الحميات مثل الحمى الشوكية والملاريا والتيفوس ... إلخ.
ورغم أن بعض الأمراض المعدية لا علاج لها إلا أن وسائل الوقاية والتطعيم تمنع من انتشارها كما أن فرض الحجر الصحي وتقييد حرية المصاب بها أو حتى أهل البلدة التي وقع فيها الداء مثل الطاعون (منع الدخول إليها ومنع الخروج منها) تؤدي إلى تضييق نطاق انتشار الوباء.
وفي هذه الحالات جميعًا يجب التداوي للأسباب التالية:
(أ) أن عدم التداوي في مثل هذه الحالات التي توفر دواؤها هو نوع من الإلقاء بالنفس إلى التهلكة وهو أمر منهي عنه قال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} . [البقرة: ١٩٥] .
(ب) إن الضرر سيتعدى إلى الآخرين من الأهل والمحيطين بالمريض كما يمكن أن يتعدى الضرر إلى المجتمع بأسره. وقد ورد النهي الصريح عن الإضرار بالمسلمين في قوله صلى الله عليه وسلم:((لا ضرر ولا ضرار)) .
(ج) إن تمريضه سيشق على أهله أو من يقوم بتمريضه وتلبية حاجاته.
(د) خسارة المجتمع لعضو عامل منتج في المجتمع الإسلامي. وفقدان أيام العمل وإطالة أمد المرض أو انخرام أجله. وفي ذلك كله خسارة على الأمة بصورة عامة وخاصة إذا كان المصاب ممن ينتفع بهم المجتمع.