وهناك المريض الذي أصيب في دماغه إصابات بالغة أدت إلى فقدان الوعي فقدانًا كاملًا وهو يعيش عن طريق التغذية بالأنبوب عبر المعدة والأنابيب ليفرز البول (القسطرة) . وقد يحتاج إلى المنفسة من حين لآخر. أو يحتاج لها باستمرار ولا أمل في استعادته الوعي والإدراك ولا أمل في تحسين حالته ... ويتعرض مثل هذا الشخص لالتهاب رئوي حاد أو لجلطة في القلب وتوقف في نبض القلب فهل يتم إسعافه أو يترك؟
في كثير من المستشفيات في مختلف بلاد العالم لجان أخلاقية مكونة من الأطباء ورجال دين، ورجال بارزون في المجتمع ويوكل لهذه اللجان في كل مستشفى ليقرروا ما يفعلونه في كل حالة على حدة، لأن كل حالة تختلف عن الأخرى في تفاصيلها.
وفي بعض المستشفيات يقرر الأطباء المسؤولون عن المريض ما إذا كانوا سيقومون بإجراءات الإسعاف والمعالجة إذا حدث توقف مفاجىء للقلب مثلًا.
والأسئلة المطروحة هي:
١- هل من حق المريض العاقل البالغ أن يقرر كتابة أنه لا يريد إجراء نوع معين من التداوي فمثلًا بعد أن يعرف المريض حالته يكتب أو يقول أنه لا يريد أي تدخل طبي إذا توقف قلبه عن النبض ... إلخ؟ ويبدو أنه لا إشكال في هذه النقطة كما سبق تقريره.
٢- هل من حق ولي أمر المريض القاصر أو الفاقد الوعي أو المجنون أن يقرر ذلك بالنيابة عنه؟.
٣- هل من حق الأطباء أو لجنة منهم أو لجنة أخلاقية مكونة من الأطباء وغيرهم أن تقرر أن هذا المريض ميئوس من حالته وبالتالي لن يقوم الأطباء بإجراءات الإسعاف عند توقف قلبه عن النبض مثلًا؟
هذا مع العلم أن إنهاء حياة المريض الميئوس منه بصورة إيجابية أمر ترفضه الشريعة والقوانين ويعتبر من يجهز على المريض قاتلًا يستوجب القصاص.
وقد جاء في المادة ٢١ من نظام مزاولة مهنة الطب في المملكة العربية السعودية ما يلي:(ولا يجوز بأي حال من الأحوال إنهاء حالة مريض ميئوس من شفائه طبيًا ولو كان بناء على طلبه أو طلب ذويه) .
فهل هناك فرق بين ما يسمى قتل الرحمة الإيجابي (Positive Euthansia) وهو قتل فعلي للمريض الميئوس منه وبين قتل الرحمة السلبي (Passive Euthanasia) وهو ترك المريض بدون دواء لما يعرض له من حالات حتى ينتهي أجله؟!