ومن مظاهر الواقعية والمرونة الإسلامية؛ أنها عالجت الجانب المتأثر بمتغيرات الحياة علاجًا مرنًا إلى حد كبير.
(ومن الجدير بالذكر أننا نفرق ـ تمامًا ـ بين المرونة والميوعة، فإن هذه ـ أي الميوعة ـ تعني تقريبًا عدم وجود أي نظام يوضح المعالم. في حين أن المرونة تعني وجود نظم مركزية وأضواء هادية. إلا أن هذه النظم لها القابلية المناسبة على الامتداد والتقلص، بمقتضى مقتضيات الواقع والمثل التي يجب أن يسمو إليها) .
ونحن نعتبر أن كل الموارد التي يتم تسليم الأمر فيها إلى (ولي الأمر الشرعي) إنما هي من هذا القبيل. فعندما يتم إيكال أمر تنظيم التوازن الاقتصادي إلى وليّ الأمر، وعندما تتم إيكال بعض العقوبات إلى ولاة الأمر، وعندما يوكل أمر المباحثات ـ عمومًا ـ إلى ولي الأمر لينطلق فيها من منطلق المصالح الإسلامية العليا؛ فإن ذلك يقوم ـ أساسًا ـ على هذا المبنى الواقعي.
وإذا أردنا أن نركز على مثال هو من صميم موضوعنا، أمكننا ملاحظة موضوع (الرق وموقف الإسلام منه) لنكتشف هذه المرونة وضروراتها، بشكل واضح، وسنجد في هذا أن الإسلام راعى التوازن المطلوب بين (الرحمة) وهي النزعة الإنسانية الأصلية، و (المصلحة) وهي ما يحقق المثل التي يطمح إليها الإسلام، ويحافظ على عنصر تحقيقها، من قبيل السلطة الإسلامية، ووجود الأمة الإسلامية، وهيبة القانون الإسلامي.