للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الشيخ محمود شلتوت في كتابه (الإسلام عقيدة وشريعة) : "إن الشريعة هي النظم التي شرعها الله أو شرع أصولها ليأخذ الإنسان بها نفسه في علاقته بربه وعلاقته بأخيه المسلم وعلاقته بأخيه الإنسان وعلاقته بالكون وعلاقته بالحياة" (١) .

ومن هذا التعريف نعرف أن الشريعة هي كل شيء بالنسبة للمسلم، إن تمسك بها سعد في الدنيا ونجا في الآخرة؛ لأنها صادرة من عند الله تعالى الذي خلق كل شيء بما فيه الإنسان والزمان والمكان، فكان طبيعيًّا أن يكون أدرى بما يصلح لهذا الإنسان وما يسعده في كل زمان ومكان , وقد صدق الله العظيم بما حين قال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٢) .

ومن تتبع الشريعة الإسلامية وأمعن النظر في أدلتها وأحكامها، يجد أنها تمتاز عن أي قانون آخر بأنها مزجت بين الدين والدنيا من حيث ترتيب الأحكام الشرعية بهما سواء في ذلك ما يتعلق بالعقوبات أو ما يتعلق بتحقيق مصالح العباد، وهذا ما حمل المسلمين على طاعة الشريعة في السر والعلن وفي السراء والضراء؛ لأنهم يؤمنون بأن الطاعة نوع من العبادة يقربهم إلى الله تعالى، وأنهم مثابون على هذه الطاعة، ومن استطاع منهم أن يرتكب جريمة ويتفادى العقاب فإنه لا يرتكبها مخافة العقاب الأخروي، وغضب الرب عليه وكل ذلك يساعد على قلة الجرائم، ويؤدي إلى حفظ الأمن وصيانة نظام الجماعة، بخلاف القوانين الوضعية فإنها ليس لها في نفوس من يطبقها أو تطبق عليهم ما يحملهم على طاعتها، فمن استطاع منهم أن يرتكب جريمة ما وهو آمن من سطوة القانون، فليس هناك ما يمنعه من ارتكابها من خلق أو دين، لذلك نلاحظ كثرة الجرائم وازديادها في الدول التي تطبق القوانين.


(١) راجع كتابه "الإسلام عقيدة وشريعة" ص ٢٢
(٢) سورة المائدة: الآيتان ١٥ ـ ١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>