للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١) الرخصة، تعريفها، أنواعها

مع بيان فقهي لأمثلة كل نوع، ضوابط الأخذ بالرخصة

تعريف الرخصة:

تطلق الرخصة عند محققي علماء الأصول في مواجهة ما يسمى بالعزيمة، وما للرخصة فيه بحال لا يطلق عليه اسم العزيمة، فهما اسمان متقابلان متلازمان مفهوما وعملا. أما العزيمة عند الأصوليين: فهي ما شرع من الأحكام الكلية ابتداء لتكون قانونا عاما لكل المكلفين في جميع الأحوال، كالصلاة والزكاة وسائر الشعائر الإسلامية الكلية (١) . وتتنوع العزيمة إلى الأحكام الخمسة: وهي الواجب والمندوب والحرام والمكروه والمباح.

ومعنى شرعية العزيمة ابتداء: أنها لم تسبق في شريعتنا بأحكام أخرى في موضوعها، ويعد الحكم الشرعي الذي جاء ناسخا لحكم آخر كالحكم الابتدائي، من حيث إنه رفع الحكم الأول المنسوخ، وجعله كأن لم يكن.

ويدخل تحت العزيمة: ما شرع لسبب اقتضى تشريعه؛ إذ لا وجود لهذا الحكم إلا بعد وجود سببه، فكان تشريعه ابتدائيا، كتحريم سب الأنداد: (الأصنام والأوثان ونحوها) في قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١٠٨] . فإنها نزلت لما قال المشركون للمسلمين: "لتنتهن عن سب آلهتنا أو لنهجون إلهكم ".

وكذلك يدخل تحت العزيمة: ما دعت المصلحة العامة إلى تشريعه من أول الأمر، كالبيع والإجارة والمضاربة والقصاص والحدود.


(١) كشف الأسرار على أصول البزدوي: ١ / ٦١٨؛ مرآة الأصول لمنلاخسرو: ٢ /٣٩٠؛ الموافقات للشاطبي: ١ / ٣٠٠؛ شرح العضد على مختصر ابن الحاجب: ٢ / ٨؛ أصول الشاشي: ص ١١٣ وما بعدها؛ الأحكام للآمدي: ١ / ٦٨؛ شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع: ١ / ٩٤؛ شرح الإسنوي للمنهاج: ١ / ٩١؛ روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه لابن قدامة: ١ / ١٧١؛ المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران: ص ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>