للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العزيمة في الاصطلاح:

المعنى اللغوي مراعى في الإطلاق الاصطلاحي الشرعي لهذين اللفظين.

قال الآمدي:

العزيمة عبارة عما لزم العباد بإلزام الله تعالى كالعبادات الخمس ونحوها (١) .

وقال ابن أمير حاج في شرح تحرير الأصول:

والعزيمة ذلك الحكم المعبر عنه بقوله تخفيفًا لحكم (فيتقيد) ذلك الحكم (بمقابلة رخصة، وقد لا يتقيد بمقابلة رخصة فيقال) أي حكم (شرع ابتداء غير متعلق بالعوارض) أي غير مبني على أعذار العباد، وهو إيضاح لابتدائية شرعية الحكم (٢) .

وقال الغزالي معرفًا للعزيمة " عبارة عما لزم العباد بإيجاب الله تعالى " (٣) .

فالحاصل أن ما شرع الله تعالى من الأحكام لعباده ابتداء كقانون عام للمكلفين بدون ملاحظة الأحوال المتجددة والعوارض الحادثة والأعذار الناشئة والحاجات الملجئة هو عزيمة كفرضية الصلاة والزكاة وغيرهما من المأمورات وكحرمة الخمر والميسر والزنا وغيرها من المناهي، وما شرعه الله تعالى من معاملات الناس كالبيع والإجارة والمضاربة وغيرها، وما شرع من الحدود والكفارات وغيرها من الزواجر.

أما الرخصة اصطلاحًا:

فالأصل أنه معروف ومعلوم بداهة، وقد يكون اللفظ بديهيًا يدل على معناه دلالة واضحة جلية، حتى أنه يفهمه كل أحد ولا يمكن أن يعرف تعريفًا علميًا واحدًا منطقيًا، كما قال محب الله بن عبد الشكور البهاري أن لفظ " العلم " من أجلى البديهيات، كذلك قال القرافي في بيان حد الرخصة:

" وهاهنا إني عاجز عن ضبط الرخصة بحد جامع مانع، أما جزئيات الرخصة من غير تحديد فلا عسر فيه إنما الصعوبة في الحد على ذلك الوجه " (٤) .

ومع هذا عرف الأصوليون الرخصة بتعريفات مختلفة فحكى الآمدي عدة تعريفات، فقال:

قيل: إنه ما أبيح فعله مع كونه حرامًا.

وقيل: ما رخص فيه مع كونه حراما.

وقيل: إن الرخصة ما جاز فعله لعذر مع قيام السبب المحرم (٥) .


(١) الأحكام ١ / ١١٣.
(٢) التقرير والتحبير ٢ / ١٤٨.
(٣) المستصفى ١١٦.
(٤) شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول للقرافي ٨٥ – ٨٧.
(٥) الأحكام ١ / ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>