للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١) تعريف بيع العربون

مشروعيته، حاجة الناس إليه في تعاملهم

تعريف بيع العربون:

في العربون لغة ست لغات: عَرَبون وأربون كحَلَزون، وعُرْبون وأربون كعُصفور، وعُرْبان وأربان كقُرْبان، أفصحها فتح العين والراء، ثم ضم العين وإسكان الراء، ثم الضم والألف. وأما الفتح مع الإسكان فلحن لم تتكلم به العرب.

وهو أعجمي معرب، وأصله في اللغة: التسليف والتقديم، وهو ما عقد به البيع.

وهو أن يشتري الرجل شيئًا، فيدفع إلى البائع من ثمن المبيع درهمًا أو غيره مثلاً، على أنه إن نُفَّذ البيع بينهما، احتسب المدفوع من الثمن، وإن لم يُنَفَّذ، يجعل هبة من المشتري للبائع. فهو بيع يثبت فيه الخيار للمشتري: إن أمضى البيع كان العربون جزءًا من الثمن، وإن رد البيع فقد العربون، ومدة الخيار غير محددة بزمن، وأما البائع فإن البيع لازم له (١) .

وقال بعض الحنابلة: لا بد من أن تقيد فترة الانتظار بزمن محدد، وإلا فإلى متى ينتظر البائع؟ (٢) .

وبعبارة أخرى: أن يشتري السلعة، ويدفع إلى البائع درهمًا أو أكثر، على أنه إن أخذ السلعة، احتسب به من الثمن، وإن لم يأخذها فهو للبائع (٣) .

حاجة الناس إليه في تعاملهم:

ساد التعامل ببيع العربون قديمًا وحديثًا، وأصبحت طريقة البيع العربون في عصرنا الحاضر أساسًا للارتباط في التعامل التجاري الذي يتضمن التعهد بتعويض ضرر الغير عن التعطل والانتظار (٤) .

جريان العربون في البيع والإجارة:

يجري العربون في عقود البيع وفي الإجارة كما صوره الإمام مالك بقوله: وذلك فيما نرى – والله أعلم – أن يشتري الرجل العبد أو الوليدة، أو يتكارى الدابة، ثم يقول للذي اشترى منه أو تكارى منه: أعطيك دينارًا أو درهمًا أو أكثر من ذلك أو أقل، على أني إن أخذت السلعة أو ركبت ما تكاريت منك، فالذي أعطيك هو من ثمن السلعة أو من كراء الدابة، وإن تركت ابتياع السلعة أو كراء الدابة، فما أعطيتك لك ... ثم قال مالك: باطل بغير شيء (٥) .

وصحح الحنابلة الإجارة بالعربون كالبيع بالعربون: وهو دفع بعض ثمن أو أجرة بعد عقد، لا قبله، ويقول: إن أخذته أو جئت بالباقي، وإلا فهو لك، فإن وفى فما دفع فمن ثمن، وإلا فلبائع ومؤجر (٦) .


(١) المنتقى على الموطأ: ٤ /١٥٧؛ الشرح الكبير للدردير: ٣ /٦٣؛ القوانين الفقهية: ص ٢٥٨؛ مغني المحتاج: ٢ /٣٩؛ المغني: ٤ /٢٣٢ وما بعدها؛ نيل الأوطار: ٥ /١٥٣؛ شرح المجموع للنووي: ٩ /٣٦٨؛ الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي: ٤ /٤٤٨.
(٢) غاية المنتهى: ٢ /٢٦.
(٣) الموسوعة الفقهية: ٩/ ٩٣.
(٤) مصادر الحق للسنهوري: ٢ /٩٦ وما بعدها، المدخل الفقهي العام للأستاذ الشيخ مصطفى الزرقاء: ف ٢٣٤.
(٥) المنتقى على الموطأ: ٤ /١٥٧.
(٦) غاية المنتهى: ٢ /٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>