للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الأول

مسؤولية السائق جزائيا

مقدمة في معنى كلمتي المسؤولية والجزاء ومدلولهما:

تعني كلمة المسؤولية في أصلها اللغوي معنى المطالبة والمؤاخذة، جاء في التنزيل في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: ١] ومعناه تطلبون حقوقكم به. وفي قوله تعالى: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: ١٠] قال الزجاج: إنما قال سواء للسائلين؛ لأن كلا يطلب القوت ويسأله (١) ، وفي قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٦] أي: يسأل كل واحد منهم عما اكتسب؛ فالفؤاد يسأل الإنسان عما افتكر فيه واعتقده، والسمع والبصر عما رأى من ذلك وسمع. والمعنى الآخر هو أن الله سبحانه وتعالى يسأل الإنسان عما حواه سمعه وبصره وفؤاده، ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) .

فالإنسان راع على جوارحه، فكأنه قال: كل هذه كان الإنسان عنها مسؤولا (٢) .

وفى الاصطلاح لا يختلف المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي.

فإن الإنسان يسأل عما جنته يداه وعما ألحقه بالغير من ضرر في النفس أو المال، قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٤] قال الزجاج: كل ما أمر الله به ونهى عنه من العهد هو القيام بحفظه على الوجه الشرعي والقانون المرضي إلا إذا دل دليل خاص على جواز النقض، وفي قوله تعالى: {إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٤] فالمسؤول هنا هو صاحبه (٣) . وتعريف المسؤولية في القانون: هي المؤاخذة والتبعة (٤) ، وفي تعريف آخر: إنها اقتراف أمر يوجب مؤاخذة فاعله (٥) ، وفي الفقه الإسلامي تأتي المسؤولية بمعنى الضمان.


(١) لسان العرب مادة (سأل)
(٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ١٠ / ٢٥٩ – ٢٦٠
(٣) فتح البيان لصديق خان: ٥ / ٢٥٤
(٤) المسؤولية المدنية في القانون المصري لمصطفى مرعي
(٥) المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية للمستشار حسين عامر ص ٣

<<  <  ج: ص:  >  >>