السادسة: اصطدم مستولدتان لرجلين فماتتا، أهدر نصف قيمة كل منهما، ووجب نصف قيمة كل واحدة على سيد الأخرى؛ لأن ضمان جناية المستولدة على سيدها، كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى، والمذهب أنه يضمن أقل الأمرين من أرش الجناية وقيمة مستولدته؛ وإن كانتا حاملين فماتتا، وأجهضتا جنينيهما، فحكم القيمة ما ذكرنا، وأما ضمان الجنينين، فإن كانا رقيقين، فعلى سيد كل واحدة مع نصف القيمة الأخرى نصف عشر قيمتها لنصف جنينيها، وإن كانتا حاملين بحرين غرة لجنين الأخرى، وإن كانتا حاملين بحرين من السيدين، فنصف كل جنين هدر؛ لأن المستولدة إذا جنت على نفسها وألقت جنينا كان هدرا، وعلى كل واحد من السيدين نصف غرة جنين الأخرى، وتصير الصورة من صور التقاص، وإذا فضل لأحدها شيء أخذه؛ وإن كانت إحداهما حاملا فألقت جنينها ميتا، فنصف الغرة على سيد الحامل، فإن كان للجنين أم وارثة، فلها نصف سدس الغرة، والباقي لسيد الحامل، وعليه للجدة نصف سدس أيضا ليكمل لها سدس الغرة.
السابعة: إذا اصطدمت سفينتان، وغرقتا بما فيهما، فإما أن يحصل الاصطدام بفعلهما، وإما لا، فهما حالان:
الأول: بفعلهما، فينظر إن كانت السفينتان وما فيهما ملكا للملاحين المجريين لهما، فنصف قيمة كل سفينة وما فيها مهدر، ونصف قيمتها ونصف قيمة ما فيها على صاحب الأخرى، فإن هلك الملاحان أيضا، فهما كالفارسين يموتان بالاصطدام، وإن كانت السفينتان لهما وحملا الأموال والأنفس تبرعا أو بأجرة، نظر إن تعمدا الاصطدام بما يعد أهل الخبرة مفضيا إلى الهلاك، تعلق بفعلهما القصاص حتى إذا كان في كل سفينة عشرة أنفس مثلا يقرع بينهم لموتهم معا، فمن خرجت قرعته، قتل به الملاحان، وفي مال كل واحد منهما نصف ديات الباقين، فيكون على كل واحد تسع ديات ونصف مع القصاص، وفي مال كل واحد من الكفارات بعدد من في السفينتين من الأحرار والعبيد، وعلى كل واحد منهما نصف قيمة ما في السفينتين لا يهدر منه شيء، ونصف قيمة سفينة صاحبه، ويهدر نصفها، ويجري التقاص في القدر الذي يشتركان فيه، وإن تعمدا الاصطدام بما لا يفضي إلى الهلاك غالبا وقد يفضي إليه، فهو شبه عمد، والحكم كما ذكرنا إلا أنه لا يتعلق به قصاص، وتكون الدية على العاقلة مغلظة، وإن لم يتعمدا الاصطدام بل ظنا أنهما يجريان على الريح فأخطأا، أو لم يعلم واحد منهما أن بقرب سفينته سفينة أخرى، فالدية على العاقلة، وإن كانت السفينتان لغير الملاحين، وكانا أجيرين للمالك، أو أمينين، لم يسقط شيء من ضمان السفينتين بل على كل واحد منهما نصف قيمة كل سفينة، وكل واحد من المالكين مخير بين أن يأخذ جميع قيمة سفينته من أمينه، ثم هو يرجع بنصفها على أمين الآخر، وبين أن يأخذ نصفها منه ونصفها من أمين الآخر، وإن كان المجريان عبدين، فالضمان يتعلق برقبتهما.