إذا كان من المسلَّم به في الفقه الإسلامي، أن لولي الأمر حق وضع الأنظمة والقوانين التي تنظم حياة الناس وتحفظ أرواحهم وممتلكاتهم. ألا يكون من الحق أن تحدد تلك الأنظمة والقوانين الحالات التي يكون فيها سائق السيارة مسؤولا عن الحادث، والحالات التي لا يكون فيها مسؤولا، بدلا من أن يترك الأمر للاحتمالات؟ أليس من الواجب أن تكون الأحكام حاسمة وقاطعة وعلى منهج واحد ونسق واحد ولا يختلف فيها الحكم بين قاض وقاض؟
فبعض القضايا لا يسوغ فيها اختلاف وجهات النظر بحجة أن هذا مباشر. وأن هذا متسبب في الحادث، فلا مجال للاحتمالات والاختلاف في وجهات النظر، في مثل قضية سائق ملتزم السير الصحيح حسب النظام. فقفز رجل أمامه فجأة فصدمته السيارة ومات أو أصيب بجروح أو كسور. أليس من العدل أن نقول: إن الرجل الذي قفز أمام السيارة قد جنى على نفسه، ولا يتحمل سائق السيارة مسؤولية في الحادث؟ لم إذا لا يتحمل كل إنسان مسؤولية الخطأ الذي يرتكبه ويترك القاضي تحديد الخطأ ونسبته من وقائع القضية وظروفها؟