فالشرط في تحميل المباشر المسؤولية هو أن تكون مباشرته للضرر ذاتية مستقلة غير ملجئة، أي لا تكون المباشرة مبنية على السبب وناشئة عنه. فإذا وقع شخص آخر نحو سيارة أثناء سيرها فسقط تحت عجلاتها ودهسته، فإن السيارة في هذه الحالة هي التي باشرت الضرر من الوجهة المادية البحتة، ومع ذلك فلا يمكن مساءلة قائد السيارة وتضمينه باعتباره مباشرا، إذ لا دخل له في وقوع الحادث الذي يرجع في الحقيقة إلى فعل الشخص الدافع، وإن كان فعله هذا يظهر كمجرد سبب، إلا أن الضرر ينسب إليه لأنه هو الذي ألجأ السيارة إلى مباشرة الضرر. فالأول متسبب، والثاني مباشر، ومع أن القاعدة الشرعية تقول:" إنه عند اجتماع المتسبب والمباشر تعلق الضمان بالمباشر دون المتسبب " إلا أن المباشرة هنا ناشئة عن المسبب لذلك يتعلق الضمان بالمتسبب لأن القاعدة هذه مقيدة بألا يكون الفعل المؤدي إلى التلف مباشرة مبنيا على الفعل المتسبب ملجئا إلى الفعل المباشر، كما هو الحال هنا فيتحمل المتسبب هنا كامل المسؤولية إذا كان الفعل المباشر لا عدوان فيه، أما إذا كان الفعل المباشر فيه عدوان اشترك المتسبب والمباشر في الضمان، والمتسبب لا يضمن مع المباشر، إذا كان هذا السبب شيئا لا يعمل بانفرداه في الإتلاف، أما إذا كان الإتلاف نتيجة اجتماعهما كان الضمان عليهما.