وفي نفس المجلد من المجموع ص١٨٨ ما نصه " وينبغي للإمام وللساعي إذا فوض إليه تفريق الزكوات أن يعتني بقسط المستحقين ومعرفة أعدادهم وقدر حاجاتهم واستحقاقاهم بحيث يقع الفراغ من جميع الزكوات بعد معرفة ذلك معه ليتعجل وصول حقوقهم إليهم وليأمن من هلاك المال عنده".
وندرك مما ذكر أن المذاهب الأربعة قد اتفقت على دخول الجهاد في سبيل الله ومشروعية الصرف من الزكاة لأشخاص المجاهدين وعدم جواز صرف الزكاة في جهات الإصلاح العام من بناء السدود والقناطر وإنشاء المساجد والمدارس وإصلاح الطريق وتكفين الموتى ونحو ذلك وإنما عبء ذلك على موارد بيت المال الأخرى وذلك لعدم التمليك فيها أو لخروجها عن المصارف الثمانية.
وفي كتاب التفسير الكبير للإمام الفخر الرازي م١٥ في شرح {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}{إنما} تفيد الحصر ومما يدل على أن الصدقات لا تصرف إلا لهذه الأصناف الثمانية أنه عليه الصلاة والسلام قال لرجل: ((إن كنت من الأصناف الثمانية فلك فيها حق وإلا فهو صداع في الرأس وداء في البطن قال)) في آخر الآية {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} منصوب على التأكد لأن قوله تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} لهؤلاء جار مجري قوله فرض الله الصدقات لهؤلاء فريضة وذلك كالزجر عن مخالفة هذا الظاهر وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الله تعالى لم يرض بقسمة الزكاة أن يتولاها ملك مقرب ولا نبي مرسل حتى تولى قسمتها بنفسه " والمقصود من هذا التأكيدات تحريم الزكاة عن هذه الأصناف. أهـ.
الصنف الثامن (وابن السبيل)
والمراد من ابن السبيل المسافر المنقطع عن بلده وماله فيعطى من الزكاة ما يعينه إلى بلوغ غرض وإن كان غنيا في بلده نظرا لما يلحقه في سفره وانقطاعه من الحاجة والعوز.
وفي فتح الباري م٣ ص ٣٦٦ في باب استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل بعد ذكر إيراد حديث ": أن ناسا من عرينة اجتووا المدينة فرخص لهم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها وأبوالها" فغاية ما يفهم من حديث الباب أن للإمام أن يخص بمنفعة مال الزكاة دون الرقبة صنفا دون صنف بحسب الاحتياج.