للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حوادث السير

تحدث فقهاء المذاهب الإسلامية عن حوادث السير تحت عناوين مختلفة، بعضهم تحدث عنها تحت عنوان مسؤولية السائق، والبعض الآخر تحدث عنها تحت عنوان جناية البهائم، وآخرون تحدثوا عنها تحت عنوان ما يحدثه الرجل في الطريق. وقد اختلفوا في مسؤولية راكب الدابة عما تحدثه الدابة وهي تسير في الطريق العام من وطء وكدم وصدم وهل يضمن الراكب أم لا؟ قال جمهور الفقهاء: إن الراكب يضمن لما أصابت الدابة، واحتجوا في ذلك بقضاء سيدنا عمر رضي الله عنه على الذي أجرى فرسه فوطئ فرسه آخر بالعقل. وخالف أهل الظاهر فلم يوجبوا الضمان على الراكب أو السائق لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((جرح العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس)) (١) . وقد حمل الجمهور الحديث على أنه إذا لم يكن للدابة راكب ولا سائق وهذا هو الصحيح، فإذا وجد الراكب فهو الذي سبب الضرر. وقد بين ذلك الإمام محمد بن الحسن الشيباني حيث قال: "العجماء: الدابة المنفلتة ليس لها سائق ولا راكب، تطأ رجلا فتقتله فذلك هدر" (٢) .

واختلف الفقهاء في ما أصابت الدابة برجلها أو بذنبها، قال الشافعي رحمه الله: "إن الراكب يضمن ما أصابت دابته برجلها أو بيدها. وبه قال ابن شبرمة وابن أبي ليلى، وسويا بين الضمان برجلها أو بغير رجلها، وقال مالك: إن الراكب أو السائق ضامن لما أصابت الدابة إلا أن ترمح الدابة من غير أن يفعل بها شيء ترمح له، وقد قضى عمر بن الخطاب في الذي أجرى فرسه بالعقل" (٣) .


(١) أخرجه البخاري وغيره
(٢) الآثار للإمام محمد بن الحسن الشيباني، (ص ١٠٠)
(٣) المنتقى في شرح الموطأ: ٧ / ١٠٩

<<  <  ج: ص:  >  >>