إضافة إلى أن عالمنا الإسلامي قد حباه الله تعالى بوفرة موارده وثرواته ومعادنه ومواده الخام وكثرة السيولة النقدية حتى أن الاستثمارات العربية الخليجية في الغرب تقدر بأكثر من سبعمائة مليار دولار، ومن هنا فإعادة توطين هذه الأموال المهاجرة إلى خارج البلاد تتطلب تعاون الدول الإسلامية لإيجاد سوق إسلامية لرأس المال الإسلامي وتسييله وتدويره لخدمة الأهداف التنموية وتحقيق التكافل والتوازن والتكامل، وفي حالة عدم قيام الدول الإسلامية بهذا الواجب فإن على البنوك الإسلامية والمجامع والهيئات الفقهية أن تبذل كل جهودها للوصول إلى هذا الهدف ولا تألو بأي جهد فكري أو مالي لتحقيق هذا الغرض الملح.
وللإحساس بهذه الأهمية قام مجمع الفقه الإسلامي الموقر بعقد عدة ندوات في المغرب وفي البحرين لبحث الأسواق المالية الإسلامية ضمت عددا كبيرا من الخبراء والباحثين والمتخصصين في مجال الاقتصاد والفقه الإسلامي، بل ناقش المجمع في دورته السابقة مجموعة من البحوث حولها ووصل فيها إلى عدة حلول مرجئا بقية موضوعاتها إلى دورته الثامنة المقبلة إن شاء الله، وكذلك عقدت ندوات فرعية من قبل بعض البنوك حول السوق المالية وأدواتها الشرعية.
وتأتي عناية مجمع الفقه الإسلامي الموقر بالأسواق المالية من خلال تخصيص كل هذه الجهود العلمية السابقة لدراستها دراسة تحليلية دقيقة من قبل المتخصصين في الفقه الإسلامي والاقتصاد. للوصول إلى الهدف المنشود وهو إقامة السوق المالية التي خصص لها حلقة خاصة لبحثها وكيفية تحقيقها في دورته الحالية (الثامنة) .
ونحن بدورنا المتواضع نحاول جاهدين أن نعطي صورة لأدوات السوق الإسلامية التي يمكن تطبيقها، ولذلك سنخصص هذا البحث لأهم الأدوات والآليات للسوق وهي الأسهم والسندات، وكيفية الإفادة من العقود الخاصة، كالسلم والاستصناع والمرابحة، والمشاركة، والإجارة، والوعد ونحوها.