للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ تقي عثماني:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وأصحابه أجمعين.

شكرًا سيدي الرئيس ... الموضوع المطروح أمامنا هو توظيف أموال الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق. والذي ينبغي أن نبت فيه أولا هو أن التمليك هل هو شرط واجب لأداء الزكاة أم لا؟ والذي أرى أن مسألة التمليك في الزكاة قد جرى فيها النقاش ولا يزال منذ سنين ولكن الرأى السائد عند الفقهاء في السلف والخلف هو أن التمليك شرط لأداء الزكاة وأن الأئمة الأربعة فيما أعتقد كلهم يشترطون التمليك الفردي لأداء الزكاة ومادامت الزكاة عبادة يجب علينا أن نحتاط فيه.

وأن توظيف الأموال في مشاريع ذات ريع ليس في رأيي نازلة من النوازل لم تكن معهودة عند السلف الصالح وإنما كانت هناك أموال توظف في مشاريع ذات ريع ولكن ما رأيت بعد في أحد من البحوث المقدمة الينا أنهم ذكروا سابقة من الفقهاء أو من التاريخ الإسلامي أن أموال الزكاة وظفت في مثل هذه المشاريع، مع أن مثل هذه المشاريع كانت موجودة عندهم أيضا والأمثلة التي جاء بها الباحثون فيها نظر كما تفضل به فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله مع تقديرى له واحترامي لعلمه وفضله من أن الشافعية ذكروا أن الفقير يعطى كفاية العيش كفاية العمر، ولكن المراد من ذلك أن يملك الفقير أدوات التجارة وأدوات الصناعة لا أن تصرف الأموال إلى مشاريع ذات ريع إنما تملك للفقير تمليكا فرديا يملك أدوات التجارة وأدوات الصناعة التي تكفيه لجميع عمره. فهذا شيء لم يختلف فيه أحد فالتمليك الفردي متحقق في ذلك المثال.

وأما ما ذكره بعض الباحثين أن التمليك كما يمكن أن يكون فرديا يمكن أن يكون جماعيا ولكن الذي أراه أن التمليك المشترط في الزكاة هو ليس تمليكا جماعيا يكون في بيت المال أيضا ولو كان يجوز مثل هذا التمليك في الزكاة لما كان هناك معنى لتحديد مصارف الزكاة الثمانية وإنما قيل أدوا الزكاة إلى بيت المال ثم يصرفه بيت المال إلى جميع المسلمين لأن بيت المال فيه تمليك جماعي ولم يقل به أحد.

وكذلك ذكر بعض الباحثين حديث القراض الذي أخرجه الإمام مالك رحمه الله في الموطأ وأظن أنه لا علاقة له بالزكاة أصلا، وإنما كان مال بيت المال قد صرفه عبيد الله بن عمر في التجارة فرده سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى بيت المال وليس فيه ذكر للزكاة أصلا. ثم الذي ينبغي أن نتنبه له هو أن الإسلام لم يقصر جميع أعمال الخير على الزكاة وإنما نريد أن نقصر جميع أعمال الخير على الزكاة وكلما دعت داعية للتبرع على الفقراء نريد أن نصرف من الزكاة ما عدا الحديث واضح أن في المال حقا سوى الزكاة {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} فباب التبرع واسع جدًا فالزكاة جزء يسير من الذي يفترض على المسلمين بما يتطلبه الإسلام للمؤمنين وليس كثير أعمال الخير مختصرة على الزكاة. فلذلك أرى أنه دعت الحاجات إلى توظيف أموال لصالح الفقراء في مشاريع ذات ريع فليفعل ذلك من التبرعات العامة وليفعل ذلك من الصندوق المختص لهذا الغرض، وأريد أن أوضح في هذا الصدد أنه قد ذكر بعض الباحثين أن في باكستان توظيف أموال الزكاة في مشاريع ذات ريع هذا خلاف الواقع.

<<  <  ج: ص:  >  >>