للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: " وفهم من قوله: (بدين) عدم منع بيع الدين بمعين يتأخر قبضه، أو بمنافع معين ... ولا يجوز للشخص بيع ماله على الغير من دين سواء كان حيا أو ميتا

ولو علم المشتري تركته؛ لأن المشتري لا يدري ما يحصل له بتقدير دين آخر إلا أن يكون من هو عليه حاضرًا بالبلد مقرًّا، والدين مما يباع قبل قبضه لا طعامًا من بيع، وبيع من غير جنسه، وليس ذهبًا بفضة، ولا عكسه، وأن لا يكون بين المشتري والمدين عداوة، وأن لا يقصد المشتري إعنات المدين، وأما إن لم يقر فلا يجوز لأنه من شراء ما فيه خصومة (١)

والذي يظهر لنا رجحانه هو أن بيع الدين لمن هو عليه ولغيره جائز مع ملاحظة قواعد الصرف، وكون الدين ثابتًا مقدورًا عليه يمكن تسليمه بالفعل، أو عن طريق المصارفة في الذمة، وأن لا يكون فيه محظور شرعي آخر من جهالة فاحشة، وغرر ونحو ذلك. والله أعلم.

الصلح عن دين بدين:

هذا له عدة صور:

منها: أن يتصالح الدائن مع مدينه بأن يكون للمدين أيضًا دين آخر عليه من نفس جنسه، فيتصالحان بما في ذمتيهما سواء كان ما في ذمتيهما متساويين أو لا وهذا بمثابة إسقاط من الطرفين، وإبراء، وتخارج.

ومنها: أن يتصالح الدائن مع مدينه في الذمة، وذلك بأن يصالحه على موصوف في الذمة من غير جنسه، "كأن يصالحه عن دينار في ذمته بإردب من قمح، أو نحوه في الذمة" (٢) فهذا الصلح صحيح عند جمهور الفقهاء ـ الحنفية والمالكية والحنابلة ـ إذا تم قبض البدل في المجلس، قبل التفرق (٣)


(١) شرح الخرشي على المختصر مع حاشية العدوي: (٥ / ٧٧ـ٧٨) .
(٢) مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد المادة (١٦٢٨) .
(٣) تبيين الحقايق: (٥ / ٤٢) ، والتاج، والإكليل للمواق: (٥ / ٨١) ، والمغني: (٤ / ٥٣٤) ، ويراجع لمزيد من التفصيل د. نزيه حماد: المرجع السابق ص (٢٦٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>