للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ وهبة الزحيلى:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحقيقة أن سلفنا الصالح لم يكونوا أغبياء كما قد يثور في بعض الأذهان وإنما المشكلات الحديثة كانت تفرض وجودها على المجتمع الإسلامي في الماضي والفقهاء تصدوا لهذه المشكلات وتحدثوا عنها طويلا. فقضية إقامة المشافي والمدارس والمراكز الصحية وحماية المعوقين وغير ذلك.

كل هذا قد خصص الفقهاء لها جانبا كبيرا بأن ينفق عليه من سهم المصالح العامة وهناك بند خاص في بيت المال وموارد معروفة من الجزية والخراج والعشور وغير ذلك قالوا: مثل هذه الأمور سهم المصالح يغطي هذه القضايا جميعها. ولهذا فلم تكن تنشأ عندهم مثل هذه المشكلة إلا في وقت نضب فيه الإقدام على الخير في عصرنا الحاضر والتفريط في إخراج الزكاة وعدم القيام بهذه الفريضة التي لو أديت على الوجه الأكمل لما وجدنا فقيرًا في المجتمع الإسلامي كما تدل عليه الإحصائيات. هذا شيء.

الشىء الثاني فقهاؤنا أيضا فرضوا بالنسبة لتمليك الزكاة بين أغلب هؤلاء الأصناف وبين في سبيل الله وأيضا وفي الرقاب. الحقيقة المذاهب الأربعة على إيجاب التمليك، وأما ما يعرضه فضيلة أستاذنا الزرقاء فهو يجنح إلى أن يقيس هذا الأمر على قضية كفارة اليمين وهو ما قرره الحنفية في قوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} أباح الحنفية ولم يشترطوا التمليك وقالوا: تجوز الإباحة. فإقامة المطاعم للفقراء يظهر أنه قاسها على هذا الأمر في قضية الكفارات ولكن لم أجد للفقهاء مثل هذا القياس وهذا اجتهاد هو الآن لأول مرة نسمعه ربما يكون محل نظر من قبلنا أما قضية الوقف التي تردد أنها ألغيت في بعض البلاد الإسلامية فالوقف الذي ألغي هو الوقف الأهلي أو الذري، أعني الوقف على الذرية في مصر وسوريا لما نشأ عنه من مشكلات كثيرة.

وأعتقد أن الأستاذ الزرقاء كان قد أفتى بجواز إيقاف هذا الجانب، أما الوقف الخيري فلم يلغ إطلاقا في مثل هذه البلاد لكن اشترطت هاتان الدولتان أن يسجل لم يلغ الوقف الخيري اشترطوا تسجيله إذا أراد الإنسان أن يقف وقفا خيريا اشترطوا التسجيل لكنهم لم يمنعوه ولم يستأصلوه، ألغوا الوقف الأهلي أو الذري.

<<  <  ج: ص:  >  >>