وفي اليوم الثالث كذلك، وفي اليوم الرابع كذلك، إلى أن يبرأ المريض أو يموت، فإن برئ مرضه أخذ الطبيب أجرته وكرامته، وإن مات حضر أولياؤه عند الحكيم المشهور، وعرضوا عليه النسخ التي كتبها لهم الطبيب، فإن رآها على مقتضى الحكم، وصناعة الطب، من غير تفريط ولا تقصير من الطبيب قال: هذا قضاء بفروغ أجله، وإن رأى الأمر بخلاف ذلك قال لهم: خذوا دية صاحبكم من الطبيب، فإنه هو الذي قتله بسوء صناعته وتفريطه.
فكانوا يحتاطون على هذه الصورة الشريفة إلى هذا الحد، حتى لا يتعاطى الطب من ليس من أهله، ولا يتهاون الطبيب في شيء منه.
وينبغي للمحتسب أن يأخذ عليهم عهد أبقراط، الذي أخذه على سائر الأطباء، ويحلفهم أن لا يعطوا أحداً دواء مضراً، ولا يركبوا له سماً، ولا يذكروا للنساء الدواء الذي يسقط الأجنة، ولا للرجال الذي يقطع النسل، وليغضوا أبصارهم عن المحارم عند دخولهم على المرضى، ولا يفشوا الأسرار، ولا يهتكوا الأستار، ولا يتعرضوا لما ينكر عليهم فيه.
وينبغي للطبيب أن يكون عنده جميع آلات الطب على الكمال (١) ... إلخ وصلى الله على سيدنا محمد، والحمد لله رب العالمين) ..
هذا وقد قدمت لمؤتمر الطب الإسلامي الذي عقد في الكويت مسودة قسم الطبيب المسلم أحببت أن أوردها في رسالتي هذه:
(١) معالم القربة في أحكام الحسبة لابن الأخوة القرشي (ص ٢٥٤- ٢٥٦) الباب الخامس والأربعون، المطبوع في الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة ١٩٧٦ م