للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢)

من فقه الطبيب

وأخلاقيات الطب

تمهيد:

الطب في الدراسات الإسلامية:

حين أردت أن أكتب هذا الموضوع تحت شعار الطب الإسلامي تساءلت عما يستحق أن يدعى (الطب الإسلامي) ؛ لتكون الكتابة في الصميم، وكان الباعث على التساؤل هو أن الطب أحد العلوم التي لا يتضح فيها وجه هذا الوصف بعيداً عن جعل العلم يتعدد تبعاً للأديان والملل.. ثم تأملت فرأيت أن المقصود من الوصف بهذه الصفة التنويه بما أسداه الإسلام لعلم الطب من اعتبار وتشجيع، وما أكسبه من عناية استتبعت استمراره ونموه على نحو لم يشهد له مثيل في ظل غيره، وقد يؤدي لإيضاح المراد تقليب هذين اللفظين بأن يقال: (إسلاميات الطب) أو (طبيات الإسلام) . فالغرض تصويب النظر إلى الموقع الذي اتخذه الطب في أرجاء الدراسات الإسلامية بأنواعها.

وقد تركت الحديث عن نمو الطب في ظل الإسلام وجهود الأطباء المسلمين في تحرير ما ورثوه وإبداع ما ابتكروه من نظريات بعضها ظل محرزاً لهم حق السبق إليه، وبعض منها استلبه الأدعياء في غفلة الانحطاط والاستضعاف، حتى قيض الله من يشهد بالحقيقة، بشهود من أهلها أو أعدائها (والفضل ما شهدت به الأعداء) وهذا يغلب عليه الطابع الاختصاصي الفني، والجدير بجلائه هم الأطباء دون غيرهم. كما أمسكت عن التوسع في مجالين آخرين يستهويان الباحث في ظل ما في عنوان (الطب الإسلامي) من شمول:

أحدهما: هو الاستعراض التاريخي للجهود التأليفية في الطب وعلومه من قبل المسلمين، وذلك له كتب عامة تعنى بتاريخ العلوم من طب وغيره وتهتم بتقويم الكتب (الببليوغرافيا) . والرجوع إليها أو الاقتباس منها –من خلال نظرات سريعة - كفيل بالمطلوب. والسبيل الأمثل لتخليد هذه الجهود تحقيق مخطوطاتها ونشرها وترجمتها إلى اللغات الحية ليكون من مراجع الدراسات الطبية العالمية أمثال كتاب (الحاوي) للرازي المتوفى (٣١١ هـ = ٩٢٣م) و (القانون) لابن سينا (٣٤٨ هـ = ٩٦١م) وكتب ابن رشد (٥٩٥ هـ = ١١٩٨م) وكتب ابن زهر الأندلسي (٥٥٧ هـ = ١١٦١م) و (الشامل) لابن النفيس (٦٨٧ هـ = ١٢٨٨م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>