للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استفاض بين الناس في مراحل المرض الأولى أن مرض الإيدز ينتقل بالمعايشة، والأطباء عند ظهور أعراض المرض الأولى كانوا يحذرون من مصافحة مرضى الإيدز ومجالستهم، ولقد نقلت الصحف أن بعض المجرمين الهاربين الذين يحيط بهم رجال الأمن يدعي أنه مصاب بالإيدز حتى يتمكن من الهرب، بل إن رجال الأمن إذا أرادوا التعامل مع الشاذين جنسياً أو مدمني المخدرات يلبسون القفازات والأقنعة الواقية خوفاً من الإيدز –حيث تعتبر هذه الفئات مرتعاً للمرض- كما تم إمداد رجال الإسعاف بأجهزة بلاستيكية تمنع وصول وتلاصق فم المسعف بفم المصاب، وعندما حاول التليفزيون في الولايات المتحدة تقديم أحد مرضى الإيدز رفض العاملون في الاستديو دخول المبنى واضطرت الإدارة لإلغاء البرنامج، ونشرت الصحف قصة اللص الذي دخل بنكاً في نيويورك وناول الموظفة قصاصة مكتوب عليها أنا مصاب بالإيدز فناوليني ما معك من النقود وإلا بصقت في وجهك فناولته مسرعة كل النقود وتكررت الحادثة في أماكن مختلفة في أوربا (١)

بل لقد ذكرت قصة الطبيب الذي امتنع عن استعمال الهاتف العام خوفاً من خطر الإيدز (٢) غير أن هذا الخوف وهذا الهلع بدأ يخف ويزول شيئاً فشيئاً بسبب كثرة المؤتمرات والندوات والنشرات التي ذكرت فيها الوسائل المتفق على أنها ناقلة للمرض باتفاق وهي: الاتصال الجنسي، ونقل الدم، والمخدرات خصوصاً التي تعطى عن طريق الحقن، والجروح، والحمل؛ أما غيرها فما يزال مجال نظر بين الأطباء، ولذا فالحكم الشرعي يفرع على أحد احتمالين:

المطلب الأول: في الإجابة على احتمال انتقاله بالمعايشة والملامسة والتنفس والاشتراك في المراحيض والأكل والشرب واستعمال الأدوات والمراحيض:

وبناء على هذا نورد عدة أدلة موجبة لعزله ومنعه من التعليم مع غيره وفصله من العمل أو إيجاد فرصة عمل له بعيدة عن الاختلاط، وكذا تعليم المرضى منفردين عن غيرهم، ومما يمكن أن يستدل به على ذلك:

١- قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها)) (٣)


(١) محمد علي البار ومحمد صافي: الإيدز (ص ٨٤- ٨٥)
(٢) محمد علي البار ومحمد صافي: الإيدز (ص ٨٦)
(٣) البخاري، الجامع الصحيح، مع فتح الباري: ١٠/ ١٧٨- ١٧٩؛ ومسلم، الجامع الصحيح، مع شرح النووي: ١٤/ ٢٠٦

<<  <  ج: ص:  >  >>