للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موقف الفقهاء القدماء من المخدرات والمفترات:

إن المرء ليعجب أشد العجب من قدرة الفقهاء القدماء على فهم خصائص العقاقير المختلفة المسببة للاعتماد والتخدير والتفتير، وبالتالي إصدار الأحكام الدقيقة، وهم في ذلك قد فاقوا الفقهاء المعاصرين، رغم أن العلوم الطبية قد توسعت وتيسرت في العصر الحاضر بما لا يقاس عليه في العصور الخوالي.

وقد جاء في فتح القدير أن عبد العزيز الترمذي قال: (سألت أبا حنيفة (النعمان) وسفيان الثوري) عن رجل شرب البنج فارتفع إلى رأسه فطلق امرأته، هل يقع؟) وقد أفتى الإمامان الجليلان بوقوع الطلاق إذا شربه عامداً.

وقال الإمام السرخسي في كتابه المبسوط (وهو من أوسع كتب الفقه الحنفي) : (البنج لا بأس أن يتداوى به الإنسان، فإذا كان يذهب عقله منه فلا ينبغي أن يفعل ذلك) (١)

وجاء في المغني لابن قدامة الحنبلي: (٢) (فأما إن شرب البنج ونحوه مما يزيل عقله عالماً به متلاعباً فحكمه حكم السكران في طلاقه)

وقد نص ابن عابدين وغيره من الفقهاء على جواز استخدام نحو البنج والأفيون للأغراض الطبية، ويحرم السكر منها لأي غرض حتى ولو كان في الطبابة، كما يحرم تناولها للهو، ولو بكميات قليلة لا تغيب العقل، قال ابن عابدين: (وأما القليل فإن كان للهو فهو حرام) (٣)


(١) المبسوط للسرخسي ٢٤/ ٩
(٢) المغني لابن قدامة ٨/ ٢٥٤
(٣) حاشية ابن عابدين ٥/ ٤٠٢- ٤٠٥

<<  <  ج: ص:  >  >>