للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنني رأيت الكاتبين الباحثين اهتما بأخلاقيات الطبيب، وأرى من أخلاقيات الطبيب ألا يكون هنالك تناقض بين قوله وفعله، فالطبيب قدوة للمريض، كما أن الفقيه قدوة للعابد العامي، فإذا كان الطبيب يوصي بشيء وهو يخالفه فإن ذلك بطبيعة الحال يؤدي إلى التشكيك في كلامه.

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

وإنك إذ ما تأتي ما أنت آمر به

تلفى من إياه تأمر آت

نحن نقرأ للأطباء دائماً عن الأمراض التي تنشأ عن التدخين، وقد قرأنا للدكتور البار –جزاه الله خيراً- كتاباً ذكر فيه أنواعاً كثيرة من أمراض السرطان ومن أمراض الجلطات ومن أمراض الشرايين وغيرها من الأمراض القاتلة التي تنشأ عن التدخين، بجانب ذلك في هذا اليوم وجدت في صحيفة عن الأطباء في بلاد عربية ما، بأن نسبة المدخنين منهم بلغت ٦٣ %، وعن بلد عربي آخر بأن نسبة المدخنين فيه من الأطباء بلغت ٦٠ %، وعن بلد إسلامي آخر أن نسبة المدخنين فيه وصلت إلى ٢٩ %، فإذ كان الطبيب يحذر المريض من التدخين ويقول له بأنه سم قاتل، وعندما يأتي إلى الطبيب لعلاجه يأتي والسيجارة بين أنامله يمتصها بشفتيه، ماذا عسى أن يكون اقتناع المريض بمقالة هذا الطبيب؟

وقد كنت في العام الماضي تمنيت وقدمت اقتراحاً أن يخرج المجمع هذا بقرار حاسم في حكم التدخين؛ لأن مضار التدخين أصبحت أمراً لا جدل فيه، والله تبارك وتعالى يحذر من كل ما يؤدي إلى الإضرار بالنفس، وخصوصاً الذي يؤدي إلى إهلاك النفس: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} [النساء: ٣٠] ، أو طعن نفسه بحديدة، فلماذا لا يصدر عن هذا المجمع قرار حاسم في أمر التدخين؟

<<  <  ج: ص:  >  >>