ومع أن الربط القياسي قد يخفف جزئياً من الآثار السيئة لتقلبات القوة الشرائية للنقود الناتجة عن التضخم، إلا أنه ليس علاجاً له؛ لأنه يؤدي إلى عدم الاهتمام بالبحث عن سياسات صحيحة (مما يعني أن الربط القياسي يهزم نفسه بنفسه، إلا إذا كان التضخم متجها إلى الانخفاض، وكانت هناك سياسات علاجية نقدية ومالية وداخلية)(١)
وانخفاض القوة الشرائية للنقود لا يختص ضرره بالمقرضين أو أصحاب الأثمان المؤجلة، أو نحو ذلك، بل إنه يشمل المدخرين.
وأسباب هذه المشكلة أنها جاءت نتيجة لتطبيق نظم اقتصادية مخالفة للقيم والأحكام الإسلامية، ومن أهمها اعتماد تلك النظم على الفوائد الربوية.
ولذا فإن معالجتها تتم بإزالة أسبابها، وتطبيق أحكام الاقتصاد الإسلامي في كل القضايا الاقتصادية، ومنها العمل بكل حزم على استقرار الأسعار، وعلى الجهات المعنية بالسياسة الاقتصادية في البلدان الإسلامية العمل على تحقيق ذلك بكل الوسائل. وهذا في نظري هو البديل الأفضل عن الربط القياسي. كما أنه ينبغي لأرباب الأموال استثمارها وعدم كنزها لتجنب أو لتخفيف آثار انخفاض القوة الشرائية لنقودهم.
المطلب الثالث – حكم الربط بالنسبة للفلوس:
الفلوس: جمع فلس، وهو جمع كثرة، وجمع القلة أفلس، وهي: عملة معدنية من غير الذهب والفضة، كالحديد والنحاس والنيكل، قليلة القيمة، مثل الهللة بالنسبة للريال السعودي، والمليم بالنسبة للجنيه المصري، والبنس للدولار الأمريكي.
جاء في لسان العرب: وأفلس الرجل صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم، يفلس إفلاساً: صار مفلساً كأنما صارت دراهمه فلوساً وزيوفاً.
آراء العلماء حالة غلاء الفلوس ورخصها:
ذهب جماهير الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الواجب على المدين من الفلوس في القرض ونحوه، هو نفس المقدار المحدد في الدين بدون زيادة أو نقصان.
(١) نحو نظام نقدي عادل، للدكتور محمد عمر شبرا (ص ٥٧)