للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وقال أبو الحسن: لم تختلف الرواية عن أبي حنيفة في قرض الفلوس إذا كسدت أن عليه مثلها، قال أبو يوسف: قيمتها من الذهب يوم دفع القرض في الدراهم التي ذكرت لك أصنافها –يعني البخارية والطبرية واليزيدية- وقال محمد: قيمتها في آخر نفاقها، قال القدوري: وإذا ثبت من قول أبي حنيفة في قرض الفلوس ما ذكر، فالدراهم البخارية فلوس على صفة مخصوصة والطبرية واليزيدية هي التي غلب الغش عليها، فتجري مجرى الفلوس، فلذلك قاسها أبو يوسف على الفلوس) (١)

وللجواب على ما نسب لأبي يوسف نقول: إن هذا القول ضعيف من ناحيتين: من ناحية الرواية؛ لأنه لم تروه عنه أشهر كتب الحنفية كالهداية، وفتح القدير، والمبسوط، والكنز، ونحوها، يؤيد هذا ما ذكره الكاساني، والاسبيجابي من الإجماع على أن الفلوس إذا لم تكسد ولكن غلت قيمتها، أو رخصت، فعليه مثل ما قبض من العدد. (٢)

والناحية الثانية من ناحية الدراية: فإن فيه فتحاً لباب الربا لمن يرى قياس الأوراق النقدية على الفلوس؛ إذ إن كل مراب سواء كان بنكاً ربوياً، أو شخصاً اعتبارياً أو عادياً سيرتكب الربا، ويقول: هو فرق لمستوى الأسعار، ثم لا يمكن قفل هذا الباب.

ولهذا فإن نسبة قول إلى عالم من العلماء لا يعني إباحة الأخذ به دون النظر في دليله ومقارنته بغيره، فليست الحجة للأشخاص، وإنما الحجة للأدلة.

وما نسب لشيخ الإسلام ابن تيمية من قوله برد قيمة الفلوس في القرض حالة ارتفاع قيمة الفلوس أو رخصها غير دقيق. (٣) فهو يقول بهذا حالة كسادها، أو تحريم السلطان التعامل بها. أما حالة الغلاء والرخص فهو يقول برد المثل.

جاء في المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد:

والنص بالقيمة في بطلانها

لا في ازدياد القدر أو نقصانها

بل إن غلت فالمثل فيها أحرى

كدانق عشرين صار عشراً


(١) تنبيه الرقود ٢/٦٠
(٢) تنبيه الرقود ٢/٦٠
(٣) تقلبات القوة الشرائية للنقود، للدكتور شوقي دنيا، نشر في مجلة المسلم المعاصر، عدد ٤١، سنة ١٩٨٥ (ص ٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>