للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كل الأحوال إما أن تكون مع الحكومة أو مع جهات غير حكومية سواءً أكانت مع أشخاص أم مع مؤسسات.

فإن كانت الأجرة أعياناً كالأمتعة أو غيرها فإنه يشترط فيها –كما تقدم- العلم النافي للجهالة، ولا مجال للقول بالربط القياسي فيها لأن تلك الأعيان التي تم العقد عليها باقية ولا يؤثر التضخم في ذواتها، سواء أكانت مع الحكومة أم مع غيرها، وسواء أكان الأجير خاصاً أم مشتركاً.

وكذا الحال في المنافع إذا كانت معلومة مضبوطة على النحو الذي مر ذكره قريباً، وأما إن كانت الأجرة نقوداً، فإنه يشترط فيها العلم بقدرها وجنسها ونوعها عند التعاقد كما مر في أركان عقد الإجارة وربطها بالمستوى العام للأسعار يفوت هذا الركن؛ لأن الأجير، ورب العمل، لا يعلمان المقدار الذي يستحق عند وقت التسليم، وهذا ينطوي على جهالة (١) بمقدار الأجرة للأجير ولصاحب العمل في حال الزيادة، أو في حال نقصانها عما تعاقدا عليه عند ارتفاع القيمة الشرائية للنقود، وهذا وإن كان أقل حصولاً من الانخفاض إلا أنه أمر ممكن غير مستبعد.


(١) الجهالة في اللغة من الجهل، وهو ضد العلم، وفي الاصطلاح الفقهي يقصد بها معنيان: أحدهما: وصف الإنسان بذلك –أي بعدم العلم- في اعتقاده أو قوله أو فعله، والمعنى الآخر: أن يكون الجهل متعلقاً بخارج عن الإنسان كمبيع ومشترى وإجارة وثمن ونحو ذلك، وهو المقصود بالجهالة في العقود والتي تعتبر مبطلة لها إذا كانت غير يسيرة، وفرق الإمام القرافي بينهما بأن الغرر في الشيء الذي لا يدرى هل يحصل أم لا؟ والجهالة فيها علم حصوله وجهلت صفته، وذكر أن العلماء قد يتوسعون في عبارتي الجهالة والغرر فيستعملون إحداهما موضع الأخرى، انظر الموسوعة الفقهية الكويتية ١٦/١٦٧، وقد ثبت في النهي عن الغرر وكل ما أدى إلى الجهالة أحاديث كثيرة عن النبي عليه السلام منها: ١- ما رواه الجماعة إلا البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه السلام نهى عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر. ٢- ما رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (نهى النبي عليه السلام عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع، وعن بيع ما في ضروعها إلا بكيل، وعن شراء العبد وهو آبق، وعن شراء المغانم حتى تقسم، وعن شراء الصدقات حتى تقبض، وعن ضربة الغائص) . وقد ضعف حديث أبي سعيد هذا من جهة شهر بن حوشب، إلا أنه له شواهد لأطرافه تقويه. ٣ – ما رواه الشيخان عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن النبي عليه السلام نهى عن الملامسة والمنابذة في البيع. والملامسة: لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار، ولا يقلبه. والمنابذة: أن ينبذ الرجل إلى الرجل بثوبه، وينبذ الآخر بثوبه، ويكون ذلك بيعا من غير نظر ولا تراض. الشوكاني: نيل الأوطار، ٥/١٦٧ – ١٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>