للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي القرن التاسع عشر اهتم دافيد ريكاردو (وغيره من المدرسة الاقتصادية التقليدية Classical School) بالموضوع من خلال بحث النمو الاقتصادي وتأثره بعملية إعادة توزيع الدخل بين الطبقات المختلفة والتي تحدث بسبب الارتفاع في أسعار السلع الزراعية (١) وفي التحليل الذي قدمه يستفيد ملاك الأراضي الزراعية من الظاهرة في شكل زيادة الريع الذي يحصلون عليه، بينما تقل الأرباح الحقيقية لرجال الصناعة بسبب عدم قدرتهم على رفع أسعار منتجاتهم (لوجود المنافسة الكاملة) بينما يضطرون إلى زيادة الأجور النقدية لعمالهم من أجل الحفاظ على أجورهم الحقيقية من التدني، وليس ذلك حباً في العمال أو عطفاً عليهم، وإنما اضطراراً لأن العمال يحصلون على أدنى مستوى ممكن للأجور الحقيقية وهي التي كانت تسمى أجور الكفاف، فلا بد إذاً من الحفاظ على أجور الكفاف وإلا تعرض العمال للمرض والموت.

وفي الفترة التالية للحرب الثانية نال موضوع الأجور والأسعار اهتماماً متزايداً من رجال الاقتصاد (٢) فبينما كان العالم يمر بفترات استقرار أو انخفاض في المستوى العام للأسعار تصاحب حالات الركود أو البطالة التي سادت قبل الحرب الثانية انعكست الأوضاع بعد الحرب، وعرف العالم التضخم وهو الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار كظاهرة عامة أو شبه عامة في جميع البلدان متقدمة أو نامية، كل ما في الأمر أن التضخم كان يشتد أحياناً في بعض الحالات وتخف حدته في حالات أخرى، وكانت الظاهرة الجديدة التي استحقت التسجيل والتحليل حقيقة هي أن التضخم لم يصاحب الرواج فقط كما كان معتاداً، بل أصبح أيضاً مصاحباً للركود، وهذه هي الظاهرة التي أطلقوا عليها الركود التضخمي.


(١) انظر: R.B. Eklund and R.F. HEBERT, A History of Economic Theory and Method (٣rd Edition) McGraw- Hill, ١٩٩٠, pp-١٥٣-١٥٤ وكذلك أيضاً للعلاقة بين الأجور الاسمية nominal وعلاقتها بالحقيقية real عدد آخر من الصفحات في نفس المرجع P.٣٦٣,p. (١٩٠-١٩٥) في المدرسة النيوكلاسيكية
(٢) لم نتعرض هنا لآراء كينز أو غيره في موضوع الأجور النقدية وعلاقتها بالأجور الحقيقية حتى لا ندخل في تفاصيل خاصة بالنظرية الاقتصادية، والبحث الحالي ليس مخصصاً لهذا، والمهتم بمعرفة الآراء الكيترية وعلاقتها بما سبق يمكن أن يطلع على المرجع سابق الذكر صفحات ٥١٩-٥٢٤ وآراء المدرسة النقدية Montarists ص ٥٤٦-٥٤٨

<<  <  ج: ص:  >  >>