للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- والاقتراح الأول المطروح للبحث لمعالجة المشكلة المذكورة إنما يعتمد على الفكرة التالية: إن الشريعة قد أجازت مبدأ عقوبة المدين المماطل، وإنما منعت العقوبة المالية على شكل غرامات تأخير حتى لا تنقلب المعاملة، التي هي في أصلها حلال كالبيع بالتقسيط أو المرابحة للآمر بالشراء إلى ربا الجاهلية المقطوع بحرمته بصيغة: أتقضي أم تربي، أو أمهلني أزدك.

ولذلك كانت الفكرة هي تصميم مجموعة من الإجراءات التي تتضمن العقوبة التي تؤدي إلى ردع المماطلين، ولكنها لا تؤول إلى الصيغة المحظورة، فكان أن قامت هذه الفكرة على فرض الغرامات التأخيرية على كل مماطل، وإنشاء صندوق خاص تصب فيه هذه الغرامات، فلا يستفيد منها الدائن، حتى لا تؤول إلى الربا، بل يوجه ما اجتمع في ذلك الصندوق إلى أعمال البر والخير ومساعدة المحتاجين، فهنا تحقق هدف الردع الذي هو ضروري لحسن سير المعاملات المالية دون أن يتحقق ربا الديون الذي هو ممنوع من الناحية الشرعية.

أما فيما يتعلق بالإعسار فإن الفكرة لا تتجاهل الأمر الشرعي بإمهال المعسر إلى الميسرة ولكنها تقوم على تحويل عبء إثبات الإعسار من الدائن إلى المدين، فتفترض دائماً توفر الملاءة عند المدين، فإن كان في غير تلك الحال كان عليه أن يثبت ذلك بالوثائق والشواهد التي يرضاها البنك، فإن فعل ردت إليه غرامات التأخير، بهذه الطريقة يدرك كل مستفيد من تمويل البنوك أن المماطلة مكلفة فلا يقدم عليها، وبالنسبة إليه، أي المدين، لا فرق –بعد أن تفرض عليه الغرامات- أن تذهب لأغراض الخير والبر أم إلى طريق آخر، فإن عنصر الردع متحقق فيها بلا شك، وذلك هو مقصود الإجراء المقترح.

٢- والاقتراح الثاني يقوم على فكرة معاقبة المدين المماطل بإلزامه بإقراض الدائن (المصرف) مبلغاً مساوياً للدين الذي ماطل في تسديده ولمدة مساوية لمدة المماطلة، وتفصيل هذا الاقتراح معروض في بحث (التعويض عن ضرر المماطلة في الدين بين الفقه والاقتصاد) ، د. محمد أنس الزرقا، ود. محمد علي القري، مجلة جامعة الملك عبد العزيز، الاقتصاد الإسلامي المجلد ٣ سنة ١٤١١هـ، ص ٢٥- ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>