للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البنوك الإسلامية بنوك تنمية:

لا تكتسب البنوك الإسلامية أهميتها من شرعية الصلة بينها وبين مبادئ الإسلام وأصوله، عندما تلتزم بذلك تماماً، فحسب، وإنما أيضاً بدرجة كبيرة من كونها تمثل أفضل النماذج للمؤسسات المالية التي تستطيع أن تحقق تنمية حقيقية شاملة في المجتمعات التي تزاول نشاطها فيها، فهي قادرة على أن تقدم أشكالاً وصيغاً للتمويل متنوعة ومتعددة تتناسب مع مختلف الظروف والمواقف، وتسهم بدرجة كبيرة في تقليل بل ومعالجة التضخم؛ لارتباط هذه الأشكال والصيغ التمويلية تماماً بالجانب السلعي. فصيغة المشاركة أو المضاربة التي تطرحها البنوك الإسلامية وتلتزم بها تؤكد وتجسد العدل الذي يغري بالتعامل معها والإقبال عليها، ويحقق مصلحة الجميع، بالإضافة إلى أنه يسرع في تحقيق التنمية.

وإذا نحن درسنا وحللنا جيداً نظرة الإسلام إلى المال ورؤيته لمسؤولية الإنسان في عمارة الكون، فإن ذلك يؤكد لنا أن المشروع الاقتصادي الإسلامي هو أساساً مشروع تنموي قائم بالضرورة وبأمر الشارع في قلب العملية الإنتاجية، وأن أي تجاوز للحدود التي رسمها الشارع الإسلامي يمثل انتهاكاً صريحاً لوظيفة المال الأصلية المقررة في الإسلام ولمسؤولية الناس في عمارة الكون؛ ومن هنا فإن وصف البنوك الإسلامية بأنها بنوك لا تتعامل بالفائدة يعبر عن قصور بالغ في فهم دور المال في الإسلام، وقصور بالغ في فهم معنى الالتزام بعمارة الكون.

السمات المميزة للبنوك الإسلامية:

إذا تناولنا بالتحليل البنوك الإسلامية من حيث طبيعة نشاطها، وممارساتها، والسمات المميزة لها والتي تنعكس في تعدد الوظائف وهياكل مواردها واستخداماتها، نجد أن البنوك الإسلامية تجمع بين أكثر من نوعية من البنوك ومن ثم يمكننا القول باطمئنان: إنها بنوك ذات طابع خاص تعمل جنباً إلى جنب مع البنوك التقليدية في المجتمعات التي تزاول أنشطتها فيها ضمن أسرة الجهاز المصرفي محلياً ودولياً وتلتزم بالتشريعات المصرفية السائدة المطبقة على غيرها، وإن كانت بعض الدول قد قطعت شوطاً أبعد في هذا المجال فأصدرت تشريعات خاصة بالبنوك الإسلامية تتفق مع طبيعتها ومنهج عملها.

<<  <  ج: ص:  >  >>