وأما في الصورة الثالثة: فهي محل البحث والنظر في هذه النازلة، وعليها ترد الأسئلة الثلاثة الآتية:
١- ما حكم رفع جهاز الإنعاش؟
٢- ما حكم نزع عضو منه كالقلب ونحوه – وهو تحت الإنعاش - لحي آخر؟
٣- هل تنسحب عليه أحكام الميت من التوارث وغيره، في هذه الصورة التي تحقق فيها موت جذع الدماغ، وقيام نبضات القلب والتنفس تحت الأجهزة الآلية؟
هذه هي الأسئلة الثلاثة الواردة حالًا على هذه النازلة.
وبعد التصور الطبي لها مستخلصًا من كلام الأطباء الباحثين لها فإن التكييف الفقهي ببيان الحكم التكليفي لهذه الأسئلة الثلاثة هو فرع عن بيان الحكم الشرعي لحقيقة الوفاة عند الأطباء، "موت جذع الدماغ" هل هذه الحقيقة مسلمة شرعًا أم لا؟
وعليه:
فبما أن هذه الحقيقة محل خلاف بين الأطباء، وأن علاماتها أو جلها ظنية ولم تكتسب اليقين بعد، وأن قاعدة الشرع: أن اليقين لا يزول بالشك، ونظرًا لوجود عدة وقائع يقرر فيها: موت الدماغ، ثم تستمر الحياة كما في ص/ ٤٤٧، ٤٥٣ من كتاب الحياة الإنسانية، وص/ من بحث: البار، وأن الشرع يتطلع إلى إحياء النفوس وإنقاذها وأن أحكامه لا تبنى على الشك، وأن الشرع يحافظ على البنية الإنسانية بجميع مقوماته ومن أصوله المطهرة المحافظة على: الضروريات الخمس ومنها "المحافظة على النفس"، ولهذا أطبق علماء الشرع على حرمة الجنين من حين نفخ الروح فيه، وبما أن الأصل في الإنسان: الحياة والاستصحاب من مصادر الشرع التبعية إذ جاءت بمراعاته ما لم يقم دليل قاطع على خلافه، ولهذا قالوا في التقعيد "الأصل بقاء ما كان على ما هو عليه حتى يجزم بزواله".
فإنه لهذه التسبيبات فإنه لا يظهر أن موت الدماغ في هذه الصورة الثالثة هو "حقيقة الوفاة" فتنسحب عليه أحكام الأموات، ولكن ليس ثمة ما يمنع من كون هذا الاكتشاف الطبي الباهر: علامة وأمارة على الوفاة لهذا قال الأستاذ الشربيني في: بحثه من كتاب الحياة الإنسانية:
"وقد أوضح بعض الباحثين أننا لسنا بصدد مفهومين للموت: أحدهما توقف الدماغ، والآخر توقف القلب والتنفس، بل هما مجموعتان من الأدلة والظواهر تنتهيان إلى نهاية واحدة هي محل الاعتبار؛ وهي: موت جذع الدماغ في كل الأحوال، إذ إن ذلك هو ما يحدث أيضًا عند التوقف النهائي للقلب والتنفس خلال دقائق إن لم تكن ثوان" أهـ.